[نظرة واقعية في أحداث ليبيا]
علوي بن عبد القادر السَّقاف
٢٠ ربيع الأول ١٤٣٢هـ
الحمد لله، كاسر الأكاسرة، وقاصم القياصرة، وقاهر الهراقلة، ومهلك الفراعنة، وهازم الأباطرة، أحمده حمد الشاكرين على ما منَّ به على أهل مصر وتونس، ونسأله المزيد من الصلاح والإصلاح لهم ولأهل ليبيا، وهو القائل سبحانه: {لئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُم}.
أما بعد:
فلا يخفى على أحدٍ حالُ حاكم ليبيا ومحاربته للإسلام، عيانًا بيانًا، جهارًا نهارًا، حتى بات يعرف ذلك الصغير والكبير، والعالم والجاهل، حتى وصفه بعض الزعماء العرب بأنه صنيعة الاستعمار، وقد صدق من وصَفَه بذلك، فها هو يُصرِّح في خطابه الأخير باعتزائه إلى الغرب والقانون الدولي لحرب شعبه وتدميره بيتًا بيتًا، وها هو الغرب يسكت عن جرائم صنيعتهم، ويتفرج على ذبحه للعُزَّلِ من الناس، وهم الذين صمُّوا آذاننا بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد خرسوا وعَمُوا لما تعارضت مبادؤهم تلك مع مصالحهم الاقتصادية في ليبيا، فبئست هذه الازدواجية.
ولما كان حال هذا الرجل غير خافٍ على أحد، وأنه ممن أظهر الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان؛ مما جعل هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وفيهم المشايخ العلماء - الشيخ عبد الله بن حميد والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ صالح اللحيدان وغيرهم - يصدرون بياناً بتكفيره في عام ١٤٠٢ هـ، جاء فيه:
(( ... وفي طليعة هذه الطوائف المنحرفة والموجهة طاغية ليبيا معمر القذافي، ذلك الرجل الذي نذر نفسه لخدمة الشر، وإشاعة الفوضى، وإثارة الشغب، والتشكيك في الإسلام.
لقد استعرض المجلس أطوار هذا الرجل، وسرعة استجابته لعناصر الشر والكيد والحسد، حيث صار يهذي في أجهزة إعلامه بما يستحي مِن ذكره مَن له ذوق سليم أو عقل مستقيم, يتضح ذلك في أقواله وأفعاله وتقلباته في جميع ميادين عمله، داخل بلاده وخارجها، وفي مقدمة ذلك تعرُّضه للعقيدة الإسلامية. فلقد أقبر هذا الرجل السنة النبوية، وسخر من الحج إلى بيت الله الحرام، ومن المسلمين الذين يقفون في عرفات، وصدرت بتفنيده فتاوى شرعية من هيئات ومجالس إسلامية عليا، ومع ذلك لا يزال هذا المسكين يتخبط في متاهات من الزيف والضلال تعطي القناعة التامة أنه ضال ملحد.
إن مجلس هيئة كبار العلماء وهو يستنكر تمادي هذا الدَّعي على الإسلام والمسلمين ليقرر ويؤكد أنه بإنكاره لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستفتائه بالحج (كذا)، واستهانته ببعض التعاليم الإسلامية، واتجهاته الآثمة الباطلة يعتبر بذلك كافراً وضالا مضلاً)) (انظر كتاب: "الرد الشافي على مفتريات القذافي" (ص ١٠١)، من مطبوعات رابطة العالم الإسلامي).
والكل يعلم من حال الرجل أنه لا يزال في ضلاله القديم، وفي استكباره، واستخفافه بالشريعة.
لما كان حاله كذلك، لم نرَ أحداً يشكك في حكم الخروج عليه من الناحية الشرعية، فضلاً عن حكم التظاهر السلمي عليه. لكن الحديث ينصب في مثل هذه الحالة على تحقق القدرة على ذلك.
وفي مثل هذه النوازل والأزمات تثور عادةً أسئلةٌ كثيرة في أذهان الناس، منها:
هل ما فعله الليبيون وهم يعلمون جبروت حاكمهم صوابٌ أم خطأ؟ وهل يستمرون في ثورتهم مع إصراره هو وابنه على سفك الدماء أم يتخلَّوْن ويعودون أدراجهم؟ وغير ذلك من الأسئلة.
فأقول وبالله التوفيق: