[القمار حقيقته وأحكامه]
عنوان الكتاب ... القمار حقيقته وأحكامه
اسم المؤلف ... سليمان بن أحمد الملحم
تقديم
الناشر ... كنوز أشبيليا للنشر والتوزيع - الرياض
سنة الطبع ... ط١/ ١٤٢٩هـ
نوع الكتاب: ... هي رسالة جامعية قدمها المؤلف لنيل شهادة الدكتوراه في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، وقد نوقشت بتاريخ ٢٥/ ٨/١٤١٧هـ وحصلت على درجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وطبعت عام ١٤٢٩هـ في مجلد واحد يقع في ٦٣٤ صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
ليس خافٍ على أحد ما يموج به العالم اليوم من المعاملات المالية المحرمة، منها القديم ومنها الحديث، وربما قديم بصور مستحدثة تحايلاً على الشرع الحنيف، ومن تلك المعاملات القديمة (الميسر) أو القمار.
وقبل الشروع في صلب الموضوع، لابد من تعريف الميسر فقد عرف لنا المؤلف الميسر وأصل اشتقاقه، وأنواع الميسر التي عُرفت في الجاهلية، وما له تعلق بميسر الجاهلية من آلات وأشخاص، كالقداح والأيسار والجزور والرِّبابة والحُرْضة وغيرها، وبين جزاه الله خيراً أوجه المقامرة في ميسر الجاهلية، وبعد هذا التعريف الماتع، أتى دور التعريف بالقمار وبيان حقيقته وحكمه وما يترتب عليه، جاءت كل منها في فصل مستقل.
فعرف المؤلف القمار والأصل الذي أخذ منه، ومعناه في الشريعة وتعريفات العلماء له، مع ترجيحه لتعريف القمار بما يتلاءم مع ما قدمه في هذا المبحث، وبعدها انتقل بنا المؤلف ليبين لنا العلاقة بين القمار وما يشتبه به، فبيّن العلاقة بينه وبين الرهان، وبينه وبين الاستقسام بالأزلام، وبينه وبين القرعة، وبينه وبين الغرر.
ثم وصل إلى بيت القصيد، وهو حكم القمار، موضحاً بالأدلة الوافية من الكتاب والسنة والإجماع، حرمة القمار، ثم أخذ في بيان الحكمة في تحريمه معدداً مفاسده الإحدى عشرة، كما أفرد مبحثاً شرح فيه متى حرم الميسر.
والآن جاء دور الحكم على ما يترتب على القمار، كعقوبة المقامر وتبين أنها التعزير، وأما ما يتعلق بآلات القمار فإن كانت آلات محرمة فبين أن حقها التغيير إما بالكسر أو التفكيك أو التخريق، وأما من طلب من غيره المقامرة فعليه بالصدقة، أما مقدارها ووجه جعلها كفارة وما إلى ذلك فهو في مبحث مفيد لمن أراد المزيد.
وأما من تورَّط وقامر وكسب أموالاً من طريق القمار، فكيف له بالخروج منها؟ هذا ما كشف عنه المؤلف جزاه الله خيراً في المبحث الأخير من هذا الفصل.
ثم بعد أن تعرف القارئ في هذا البحث على ما سبق ذكره، فمن المناسب أن يتعرف على المغالبات (المسابقات) التي يدخلها القمار، حيث أصبحت المغالبات مرتعاً خصباً للمقامرين، ينصبون فيها أفخاخهم ليصيدوا بها أموال الناس بالباطل، فقد عرَّف المؤلف في هذا الباب القواعد الضابطة لما يشرع ويمنع من اللهو والمغالبة، فهناك مغالبات محمودة، كالسبق بالخيل والإبل وكالرمي بالسهم، وهناك مغالبات مذمومة، وضابطه كما قال المؤلف كل لهو ألهى عن واجب أو اشتمل على فعل محرم أو غلب على الظن إفضاؤه إلى شيء من ذلك فهو محرم، ومن أراد أن يعرف حكم اللعب بالنرد والشطرنج، فقد فصل المؤلف فيها القول في أكثر من (٤٠) صفحة، وكذلك الألعاب التي فيها أذى سواءً للآدميين أو للحيوانات كمصارعة الثيران والتحريش بين الحيوانات، أما المغالبات المباحة فهي المغالبات التي ليس فيها جعل وليست مما سبق من أنواع.
أما ما يجوز فيه بذل المال من المغالبات، فهو ما حرره المؤلف بمباحث شافية كافية، فحرر أولاً المسائل الإجماعية والمسائل الخلافية في هذا الموضوع، مستدلاً بالأدلة الشرعية ومستنداً إلى كلام الأئمة والفقهاء، ونحب هنا أن نعطي بعض الأمثلة المنتشرة اليوم والتي وضعها المؤلف في المسائل الخلافية فيما يجوز بذل السبق فيه، فمنها السبق بالأقدام والسباحة والمصارعة والمسايفة والمسابقة في حفظ القرآن، وغيرها من أمثلة، حرر فيها القول بالأدلة مع الترجيح، خاتماً الفصل بضوابط جامعة نافعة.
إذاً متى يكون بذل المال في المغالبات قماراً؟
الجواب - عزيزي القارئ - في الفصل التالي من كتاب المؤلف، فقال المؤلف في تقسيمه: أن المال إما أن يكون مبذولاً من غير المتسابقين وهذا ما أجازه العلماء كافة، وإما أن يكون المال مبذولاً من أحد المتسابقين دون الآخر، وهي جائزة أيضاً على ما بينه المؤلف، وإما أن يكون المال المبذول من كل طرف من المتسابقين، وهذا النوع الأخير فصَّله المؤلف وبيّن مذاهب العلماء فيه، وكذلك إذا دخل في الموضوع طرف ثالث يقال له محلل، فناقش المؤلف رأي شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في هذه المسألة، ذاكراً الأدلة ومناقشاً لها ومرجحاً لما يراه الصواب، وقد وقع بحثه هذا لوحده في (٧٥) صفحة، فيها علم كثير.
وختم المؤلف كتابه هذا بباب مهم جداً وهو (القمار في المعاملات المالية) القديمة منها والمعاصرة.
فمن المعاملات المالية المعروفة قديماً: الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة، والمزابنة وبيع الحيوان باللحم وبيع ما لا يقدر على تسليمه بأقل من ثمن مثله، وغيرها من المعاملات الأخرى التي فيها غرر، وقد درس المؤلف كل نوع من هذه الأنواع مبيناً حكمها الشرعي.
أما المعاملات المالية المعاصرة، كعقود التأمين والبورصات، واليانصيب، والحوافز المالية في المعاملات التجارية، ولا شك أن هذا الفصل من أهم فصول الكتاب، لما يعلمه الجميع من انتشار هذه المعاملات بين الناس بما لا يكاد يسلم منه أحد كالتأمين، وملامسته للواقع المعاصر.
ففي كلامه عن التأمين، عرفه لنا أولاً ثم نقل كلام الجمهور في حكم عقود التأمين، ثم دخل في موضوع دخول القمار في هذه العقود.
ثم عرف البورصات، وما يدخله القمار في هذه المعاملة، والعقود المرتبطة بها، وأحكامها كبيع حق اختيار البيع والشراء مثلاً.
ثم عرف باليانصيب وحكمه، ونماذج من صوره الحديثة، حيث تفنن المحتالون في مخادعة الناس والتغرير بهم واستدراجهم إلى القمار تحت شعارات براقة وآمال خادعة.
ثم الحوافز المالية في المعاملات التجارية، فبين المقصود منها وأنواع هذه الحوافز والجوائز، مع نقله لفتاوى اللجنة الدائمة في هذه الأنواع وتأصيله الجيد للمسألة،
وبهذا المبحث ينتهي الكتاب، لتأتي الخاتمة التي لخص فيها المؤلف بحثه كاملاً مع نتائجه في (٥١) نقطة.
وبعد هذا الإبحار في هذا السفر الزخار، وما رأيناه من جهد كبير وتأصيل جيد، لامس فيه المؤلف الواقع المعاصر وما يدور فيه من معاملات دخلها القمار دون أن يشعر بذلك كثير من الناس، فجزاه الله خيراً، وجعل ما كتبه نافعاً لقارئه، والحمد لله رب العالمين.