لم يعد هناك من مستور في مشروع احتلال العراق منذ بدايته وحتى الآن. لقد ظهر الوجه الحقيقي لكل الأطراف التي شاركت في العدوان والاحتلال منذ بدايته وحتى الآن وتلك التي تعاونت مع المحتلين. سقطت كل الأقنعة عن الولايات المتحدة وإيران المتشاركين في العدوان والاحتلال، وعن كل الأطراف التي شاركت في اللعبة السياسية التي شكلها الاحتلال، إذ انكشفت تماما حكاية الديموقراطية وتداول السلطة عبر الانتخابات وظهر أن الانتخابات في العراق -مثلها مثل أفغانستان-ليست إلا تزييفا لإرادة العراقيين باستخدام كل طرق وأساليب التزوير لفرض الديكتاتورية على الشعب العراقى، وأنها ليست إلا أحد أشكال ممارسة الخلاف بين الاحتلالين الأمريكي والإيراني عبر عملاء كل طرف على الأرض العراقية، وأنها من الأساس ليست إلا آلية لإبعاد القوى الوطنية والقومية والإسلامية عن أداء دورها في تحرير العراق وإعادة بنائه، إذ هي موجهة لتحقيق هدف إعطاء الشرعية للمحتلين والمتعاونين كمحاولة للنيل من شرعية المقاومة. كل ذلك لم يعد كلاما مستنتجا من وقائع ما يجرى بل صار اعترافا مؤكدا على ألسنة الذين دخلوا في أضابير تلك الألاعيب.
انفضح الكل، أو فضح الكل بعضه بعضه، أو فضح كل طرف الآخر، أو الكل وصل إلى مأزق، فقرر هدم المعبد عليه وعلى خصومه .. وقل ما شئت أيضا.
لقد بدأت الانتخابات بألاعيب استقصائية لمرشحي طرف من أطراف اللعبة من قبل طرف مشارك آخر، باستخدام آليات لجنة غير قانونية بمقاييس الاحتلال نفسه، وبأوامر مباشرة معلنة من قبل إيران التي أعلن رئيسها بسفور أن لا مكان لمن سماهم البعثيين.
وفي البداية أيضا، قال رئيس قائمة ائتلاف العراقية اياد علاوي -الفائز بأعلى نسبة أصوات بعد فرز ٩٥% من الأصوات -أنه يقبل بنسبة تزوير في حدود ٢٠% ليس أكثر -أى هو يقبل بإهدار أصوات خمس المصوتين -بما أكد أن التزوير عمل ملازم للعملية الانتخابية وأنه واقع لا محالة وأن الطرف المزور لا سبيل إلى ردعه عن إعمال سلاح التزوير، وربما قصد علاوي القياس على ما جرى في انتخابات عام ٢٠٠٥ التي شهدت تزويرا يكاد يكون كليا (هي الانتخابات التي أوصلته هو إلى رئاسة الوزراء).
كانت البداية مليئة باشكاليات الصراع حول من له حق الترشيح نتج عنه، بما كشف أن مجموعات الحكم ترفض أحكام القضاء وتلغيها كيفما تشاء مصالحها وهو ما يؤكد على أن القضاء خاضع لتوجهات السلطة والاحتلال ويشدد على عدم مشروعية كل ما صدر من أحكام قضائية بعد الاحتلال.
وما إن بدأت عمليات التصويت في الانتخابات وفق ما سمى بالتصويت الخاص الذى شمل العاملين بالجهاز العسكري للدولة والمرضى في المستشفيات وغيرها، حتى اكتشف الآلاف من غير المؤيدين لحكم المالكي الطائفي، استبعاد أسمائهم من قوائم الناخبين. كما بدأ التصويت في خارج العراق، وتكرر الأمر ذاته، إذ لم يجد الآلاف من المهجرين في الأردن وسوريا ومصر أسماءهم بينما وجد الموجودون في إيران أسماء المتوفين ومن لا جنسية عراقية لهم في كشوف التصويت بما أتاح ملء الصناديق بالأصوات المزورة.