[مذبحة غزة وحوار الأديان]
د. رياض بن محمد المسيميري
بسم الله الرحمن الرحيم
في الوقت الذي تمارس فيه ورش العمل المنبثقة عن مؤتمرات حوار الأديان أعمالها وتنظم أوراقها في دهاليز العواصم العربية والعالمية!
وفي الوقت الذي قدم فيه البعض فتاواه الرخيصة للدفاع عن تلك الحوارات البائسة وإن صادمت أصول الدين وثوابت العقيدة!
وفي الوقت الذي حاول فيه آخرون ليَّ أعناق النصوص وحمل آيات مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ونظيراتها إلى تبرير حقيقة ما يجري من تقريب بين الأديان, ونسف لقواعد الإيمان.
كان لليهود لغتهم الخاصة في التحاور, فقد أمطروا بقنابلهم وصواريخهم غزة الباسلة وجنودها المرابطين؛ ليعلنوا للعالم أجمع أنهم مثاليون جداً على مائدة الحوار شريطة أن تكون مقاعد الحوار مدرعات مصفحة, ودبابات محصنة, وطاولة الحوار أرض بحجم غزة تعلوها الأشلاء الممزقة, والدماءالمضرجة, والأطفال المقطعو الأوصال!
لغة يهود في الحوار هدم للمساجد على المصلين وقصف للمستشفيات على رؤوس المرضى والمصابين.
لغة لا تعبر عن مكنونات الصدور, وخبايا النفوس إلا عبر فوهات البنادق, وأزيز الطائرات الأمريكية الصنع؛ لتصك أسماع الذين شرَّقوا وغرَّبوا, وقاموا وقعدوا, وحاضروا وناظروا, وملئوا الدنيا ضجيجاً داعيين للحوار مع وحوش العالم من يهود ونصارى ضاربين بتاريخ الصراع بين المسلمين وأولئك الأوباش عرض الحائط, بل كاذبين على الله حين حاولوا إقناع الجماهير بأن القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة النبوية العطرة ملئ بآيات الحوار ومواقف حوارية احتضنتها المدينة المنورة إبَّان القرون المفضلة, ناسين أو متناسيين أن آيات الحوار ومواقف النبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم- كلها كانت مؤكدة على الدوام أن الحوار لا يمثل سوى وسيلة لإقناع الآخرين بعدالة الإسلام, وأنه الدين الوحيد الذي لا يصلح غيره ولا يرضى الله سواه.
حوار قائم على ثوابت لا تتغير, وأصول لا تبدل, وقواعد لا تضطرب؛ فلا إلحاد ولا وثنية, ولا شرك ولا كفر, ولا بدعة ولا فسوق, ولا صلب ولا تعميد, ولا كنائس ولا ِبيع, ولا تثليث ولا تربيع!!
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَاأُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} المائدة٦٧
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَىوَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} البقرة:١٢٠
ليت الذين يبررون كل ما يُرتكب من أخطاء ويضفون عليها الشرعية اللازمة؛ يدركون أن هناك من يفوقهم علماً وفقهاً, وأنهم ليسوا بعاجزين عن فضح خلطهم وحماقاتهم, وإبلاغ الأمة العلم الصحيح والفقه المبني على الدليل والبرهان الساطع.
إن علينا أن نتعامل مع الكافر الغاشم بأن لنا ديننا ولهم دينهم, وأننا لن نحيد عن ديننا قيد أنملة؛ لأننا الأعلون وهم الأسفلون, ونحن الأعزة وهم الأذلة الأرذلون!
إن علينا أن نوصل إلى العالم رسالة مفادها أن ديننا شريعة إلهية, ورسالة ربانية واصطفاء سماوي لا خيار لنا ولا لأحد في قبوله أو رده {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران:٨٥
فنحن عبيد مربوبون لله, يحكم بنا بما يشاء ويفعل ما يريد, لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ولا متقدم بين يديه سبحانه.
لقد أثبتت قنابل إسرائيل وطائراتها فشل كل الأطروحات والسياسات, والمحاضرات والمناظرات, والكتابات الداعية إلى بيع القضية الإسلامية والخيار الإسلامي واستبدالها بتعايش باهت وسلام من طرف واحد.
وبينت لكل من لا يزال يتمتع بمسكة عقل أن لغة الحوار الوحيدة التي ستبقى مفهومها للجميع حتى يرث الله الأرض ومن عليها هي {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَيُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التوبة:٢٩
اللهم لطفك بنا وبغزة وأهلها.