[البيان الختامي للمؤتمر الأول لرابطة علماء المسلمين]
رابطة علماء المسلمين
٢٨ ربيع الأول ١٤٣٢هـ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد،
فقد انعقد المؤتمر الأول لرابطة علماء المسلمين باسطنبول في الفترة من ٢٧ - ٢٨ ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة يوافقه ٢ - ٣ مارس من عام ألفين وأحد عشر ميلادية، وحضره أكثر من مائة عالم وداعية من خمس وثلاثين دولة.
وكان عنوان المؤتمر: ((العلماء ونهضة الأمة)) وقد عقدت بالمؤتمر خمس جلسات في موضوعه، ألقيت فيها خمس عشرة ورقة، وأقيمت أربع ندوات مصاحبة للمؤتمر حول ما يشهده العالم الإسلامي من تغيرات ومطالبات شعبية بالإصلاح. وانتهى المؤتمرون إلى توجيه هذا البيان إلى الأمة الإسلامية:
أولاً: إن صلاح الأمة الإسلامية مرهون بصلاح العلماء والحكام فهم ولاة الأمر وقادة البلاد وقدوة العباد، وإن إحياء الربانية في الأمة فريضة شرعية، وضرورة مجتمعية، وطريق قاصد للإصلاح ومنطلق أصيل لتحقيق النهضة في جميع المجالات.
ثانياً: إن تجديد هذا الدين والحفاظ على وحدة المسلمين وتعزيز القيم الإسلامية، ورعاية الحقوق الإنسانية، والحريات المنضبطة بالضوابط الشرعية، وقيادة الأمة وإرشادها في مهماتها وملماتها، منوط بأهل العلم الربانيين.
ثالثاً: إن نهضة الأمة المسلمة اليوم تنطلق في بواعثها من كمال دينها وشمول وسعة مفهوم العبادة والعمل الصالح، وعقيدتها الصحيحة وشريعتها السمحة، وخيريتها التي سطرتها كلمات الوحي، وأكدتها صفحات التاريخ والحضارة الإسلامية التليدة.
رابعاً: على الأمة الإسلامية اليوم أن تعي حجم التحديات الكبرى التي تواجهها والتي تمنع تقدمها نحو نهضتها وسؤددها؛ فبالعلم والسنة تواجه الجهل والبدعة، وبالتسلح بالفقه والوعي تواجه المكائد والمخططات الداخلية والخارجية، وبالأخذ بالعلوم المعاصرة والاستفادة من التقنية تتحقق التنمية الشاملة ويقضى على التخلف.
خامساً: على أهل الحل والعقد في الأمة من العلماء العاملين ومن اتبعهم من الولاة الصالحين التصدي للاستعمار الغربي والاحتلال الأجنبي لبلاد المسلمين وإنهاض الأمة لاسترداد عزتها والمفقود من كرامتها بإحياء فقه الجهاد وإقامته في مواطنه المشروعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقبل ذلك وبعده العودة إلى تحكيم الشريعة الإسلامية وتعظيمها، قال تعالى ((إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)).
سادساً: يطلب من علماء أهل السنة في كل قطر أن تجتمع كلمتهم، وأن يتحد صفهم في إقامة الدين، والاحتساب على الظالمين وإنصاف المظلومين ونصح الحكام، عبر جهات وهيئات شرعية، وروابط دعوية وعلمية مستقلة عن أنظمة الاستبداد والفساد، والتي تسلطت على حريات العباد بالسجن والاعتقال بغير تهمة أو محاكمة.
سابعاً: لقد اتجهت الأمة الإسلامية اليوم بكل فئاتها نحو التغيير إلى الأفضل وتحقيق الإصلاح بما لا يجوز تعويقه ولا الإبطاء في إنجازه، وهذه المطالبات السلمية المنضبطة لا تعد خروجا على الشرعية ولا مخالفة للشريعة الإسلامية.
ثامناً: يعتبر الظرف الراهن فرصة مواتية لالتحام الأمة بعلمائها، وتحقيق إصلاحات جذرية تشمل الاحتكام إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهما ضمانة تحقيق العدالة الاجتماعية، وضبط مسيرة السياسات التعليمية والإعلامية والاقتصادية في الأمة على حد سواء.
تاسعاً: تحيي الرابطة إنجازات الأمة الإسلامية في تونس ومصر وغيرهما من بلاد الإسلام، وتذكر بأن التغيير الحقيقي هو ما يبدأ من القلوب توبة إلى الله، واعتصاماً بهداه، وتهيب بكل القوى السياسية والاجتماعية أن تقوم على تحقيق الصلاح ومحاربة الفساد بكل صوره، واختيار خير من يقوم بالأمانة بدون مزايدة أو شعارات جوفاء، قال تعالى: ((إن خير من استأجرت القوي الأمين)).
عاشراً: تقف الرابطة خلف جهاد الشعب الليبي للتحرر من نظامه الفاسد وقائده الخارج عن الإسلام الباغي على أهله، وتدعوهم للصبر والمصابرة حتى يقطع الله دابره، قال تعالى: ((ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)).
حادي عشر: تحذر الرابطة من المد الصفوي والانخداع بشعاراته المضللة في البحرين وغيره. وتدعو أهل السنة حكومة وشعباً إلى إقامة العدل ومحاربة الظلم والاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
ثاني عشر: العلماء الصالحون في كل بلد هم مرجعية الأمة في نوازلها وعنهم تصدر الأمة في مواقفها، والأصل ألا يفتئت عليهم أحد. والمناصحة واجب شرعي وعمل مرضي، فعلى أهل اليمن والشام وسائر بلاد الإسلام أن يجتمعوا على فتاوى علمائهم وهيئاتهم الشرعية، وأن يقووا كلمتهم.
والله نسأل أن يكتب التوفيق للمسلمين، وأن يلهمهم الصواب والسداد في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.