[في الأحداث عبرة - رؤية منهجية]
فالح بن محمد الصغير
١٣ ربيع الأول ١٤٣٢هـ
حديثنا اليوم يفرضه الواقع ليقرأ قراءة تأملية لاستنباط ما يمكن استنباطه من تلك الأحداث التي قدرها الله سبحانه وتعالى علينا في هذه الأزمنة وبخاصة مع تطور عالم الإتصال ليعيش الحدث كل من يحيا على وجه الكرة الأرضية بيسر وسهولة، مما جعل كثيرا من المعطيات تأخذ حقها بوضوح فيستطيع المتأمل الوقوف عند بعضها فلعل بارقة تظهر تمثل معلما من معالم المسيرة في هذه الحياة على كافة المستويات.
ونظرة سريعة في واقع العالم العربي والإسلامي نجد أن أحداثا متسارعة ومتلاحقة فعلى سبيل المثال:- الوضع في تونس وما آل إليه وضع الحاكم والشعب، وكذا الوضع في السودان وما جرى من استفتاء في الجنوب نحو الإنفصال، وقبله في وبعده المنازعات في دار فور، وكذلك الوضع في مصر وما آل إليه الآن، ولا يخفى وضع الصومال وما فيه من تناحر الطوائف والقبائل وغيرها. أما العراق وأفغانستان فلا زالت الأرض محتقنة لا يعلم مدى احتقانها إلا الله سبحانه، وثمة أحداث تمثل قلاقل من هنا وهناك، كأحداث الإرهاب المتكررة في مناطق مختلفة ونالت بلادنا نصيب منها، والنزاعات في لبنان وتدخل قوى وأطراف أخرى في الشأن اللبناني، ناهيك عن المواقف الطائفية بمنازعها المبدئية والسياسية، وحدث بملئ فيك عن الأزمات الاقتصادية وما آلت إليه، وبخاصة في البلدان متوسطة الدخل تلك التي أوجعتها هذه الأزمات. أما المشكلات الاجتماعية المتنوعة، والتي تشكل أزمات مجتمعية متتابعة فأخذت أشكالا أكثر بروزا مع تعمق الأحداث السياسية والاقتصادية.
في ظل هذه الأحداث تبرز أسئلة للمتأملين، أسئلة منهجية، وأسئلة في قضايا جزئية، أسئلة في المواقف، وأسئلة تنحو منحى البحث عن العلاج.
ما سبب هذه الأحداث؟ ما أبعادها؟ ومن المحرك لها؟ وهل هي عفوية أو خطط لها؟ ومن المسؤول؟ وما موقف الأفراد؟ والمؤسسات المدنية؟ والدول؟ ... الخ
وترد افتراضات وحتميات، وإستنتاجات قد تكون في دائرة (اللامعقول) في النظرة الأولية عند المتلقي.
وفي كل الأحداث يذهب ضحايا، ويعلو أشخاص، وتبرز مشكلات ويدخل المحللون في دوامة أخرى، وهكذا دواليك.
لست أزعم أن لدي إجابة على هذه الأطروحات فهي تحتاج إلى مراكز علمية، وبيوت خبرة، تحمل أفقا واسعا، ونظرة شمولية وتنويعا في التخصص، وعمقا في ربط الأحداث، وقدرة على الاستيعاب، وتأنيا في المعالجة، وهذا بلا شك ينفي النظرة الفردية، ويطرد الانفعال تجاه حدث ما، وبكبح جماح الاستعجال.
ويبعد النزعة تجاه العمومية في الطرح لمجرد الاستباق وهذا لا يعني: الإهمال، وعدم المشاركة، والمناقشة والتأمل، وطرح الأفكار الهادفة إلى الإثراء
أظن أنها معادلات صعبة بصعوبة تلك المواقف، ولكنها بتلك النظرة الشمولية الواسعة المتأنية المتعمقة من تلك المراكز والبيوت تتجلى، والمهم: أن تتجلى فيها المواقف السلمية والرؤى المقاربة الصواب، وبهذا يُتحرى النجاة، وتتجاوز الصعاب.
من هنا أطرح هذه التأملات فلعلها تصب في دائرة المشاركة الإيجابية. وذلك من خلال الاستنتاجات الآتية: -
أولها: أظن أن من الخير أن نجدد ما نتيقنه ونعتقده من أن مدبر هذا الكون
هو الله سبحانه وتعالى، وبيده مقادير كل شيء، يقول تعالى نفسه جل وعلا:] يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور [، وقال عليه الصلاة والسلام:) يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء (, فما من حدث يقع إلا وقد قدره سبحانه وتعالى، ولا يرفعه إلا هو سبحانه وتعالى] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها [.
وهذا يفرض علينا: -