[الو حدة الإسلامية ضرورة دينية ودنيوية]
د. أحمد بن سعد ين غرم الغامدي
إن طموحات الوحدة الإسلامية طموحات واقعية وهي حقوق مشروعة لها لا يجوز لأحد مصادرتها أو الوقوف في سبيل تحقيقها كائناً من كان، كما قال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً). (آل عمران / ١٠٣)، وهي واجبة عليها لا يجوز لها التخلي أو التقاعس عنها مهما كانت المعوقات كما هو معلوم أن الأمر للوجوب والعبرة بعموم اللفظ هنا لا بخصوص السبب، لا سيما وهذه الوحدة الإسلامية كانت واقعاً تنعم به الشعوب الإسلامية أزمنة مديدة على تعاقب الدول التي حكمتها مع تفاوت في تطبيقاتها إلى أن جاءت معاهدة لوزان واتفاقية سايكس بيكو المشؤمتان اللتان حرمت الأمة من الدولة الواحدة والهوية الواحدة والوطن الواحد منذ ما يقارب المائة سنة.
والسؤال هنا هل الشعوب الإسلامية الآن تطمح إلى الوحدة الإسلامية أم لا؟ الواقع أنه برغم ما بذلته الدول المحتلة من قتل وتشريد ونهب، وبرغم ما بذلته المنظمات المصاحبة لها من تغريب وتفريق، وبرغم ما تبذله الحكومات العميلة للاحتلال بعد خروجه من تغييب لثقافة الوحدة الإسلامية بما تملكه من آلة هدم فكري وإعلامي عبر إحياء النعرات العرقية والطائفية والقطرية وغيرها من الوثنيات، إلا أن الشعوب الإسلامية لا تزال تعبر عن إصرارها على الوحدة الإسلامية في صور كثيرة من أخرها ما تمثل في رفض للغزو الصليبي على العراق، والصهيوني الصليبي على غزة حيث تنادت جموع الشعوب الإسلامية بالنصرة والمطالبة بالوحدة من المحيط إلى المحيط.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا من الذي حال بين الشعوب الإسلامية وتحقيق الوحدة بينها في كل النواحي؟ والجواب الصريح أن أعظم حائل بينها وبين ما تريدهما العدوان اللدودان:
الأول: أنظمة الحكم التي لا تمثلها ولا تمثل طموحاتها.
والثاني: الدول المحتلة والمهيمنة على البلاد الإسلامية. والتي تمثلت محاربتهما للوحدة الإسلامية في الآتي:
١.ما تمليه تلك الأنظمة الفاسدة والدول المحتلة والمهيمنة من تخويف للشعوب الإسلامية من بعضها لبعض باسم الطائفية والهيمنة الأحادية والاستئثار بالمصالح وغيرها.
٢.وما تبثه تلك الأنظمة الفاسدة والدول المحتلة والمهيمنة من تشويه وتحقير للشعوب الإسلامية الأخرى.
٣.ما تقوم به تلك الأنظمة الفاسدة والدول المحتلة والمهيمنة من ضرب للحركات والأحزاب الإسلامية التي تتبنى مشروع الوحدة الإسلامية كمبدأ وهدف استراتيجي.
٤.وما تخدر به تلك الأنظمة الفاسدة والدول المحتلة والمهيمنة مشاعر الشعوب الإسلامية بالعمل على إنشاء مؤسسات خداج لا روح فيها مثل: - منظمة المؤتمر الإسلامي. - ورابطة العالم الإسلامي. - وجامعة الدول العربية. - والمجالس والاتحادات المتهالكة التي أصبحت مثاراً للسخرية والضحك والعار.
إن هذه الأنظمة عامل فرقة وهدم للوحدة الإسلامية قد بان بجلاء ووضوح في هدم كل عمل جاد يوحد الأمة ويلم شملها، تجاوباً مع مصلحها في البقاء جاثمة على صدور تلك الشعوب، وتناغماً مفضوحاً مع رغبات القوى الغربية والشرقية المحتلة والمهيمنة على بلاد المسلمين الناهبة لخيراته ومقدراته، بل قد ذهب بعض تلك الأنظمة الفاسدة إلى التماهي والتمالي مع العدو الصهيوني المجمع على عداوته ضد المستضعفين في غزة، وأما الدول المهيمنة على بلاد المسلمين فلا غرابة في صنيعها جرياً على مبدأ فرق تسد.
لكن السؤال العملي المهم هو كيف المخرج من هذه الأزمة التي تقف حجر عثرة في طريق طموحات الأمة في تحقيق وحدتها؟.