[نقد التسامح الليبرالي]
عنوان الكتاب ... نقد التسامح الليبرالي
اسم المؤلف ... محمد بن أحمد مفتي
الناشر ... مجلة البيان
سنة الطبع ... ١٤٣١هـ
التعريف بموضوع الكتاب:
ما أجمل التسامح إذا كان وفق تعاليم الدين وبالضوابط التي جاءت بها الشريعة، لكن في الآونة الأخيرة ظهر مفهوم التسامح مرتبطاً بالليبرالية والديمقراطية والعلمنة, وسعت الولايات المتحدة نحو فرضه على الأمم والشعوب, وقد تلقف هذه الفكرة أناس من أبناء جلدتنا وحاولوا صبغها بالصبغة الإسلامية حتى يكون هذا التسامح إسلامياً كما أن هناك ليبرالية إسلامية وديمقراطية إسلامية. وهذه الدراسة التي بين أيدينا تلقي الضوء على هذا التسامح الليبرالي, وتؤكد على أن التسامح الليبرالي يحتاج إلى توافر شروط أساسية ينتفي التسامح بغيابها أو فقد أحدها وهي العلمانية والنسبية والتعددية والديمقراطية.
ابتدأ المؤلف كتابه بعد المقدمة بتعريف التسامح الذي يذهبون إليه من خلال كتبهم, وعرض عدة تعريفات والتي خلاصتها أنه فضيلة الإمساك عن ممارسة المرء سلطته في التدخل بآراء الآخرين وأعمالهم.
ثم انتقل المؤلف إلى الكلام عن نشأة التسامح وأنه نشأ كفكرة قامت على أنقاض الحروب الدينية في أوربا بعد عهود من الطغيان الكنسي والاضطهاد الديني.
ولما كان من شروط التسامح العلمنة كما سبق فقد تناول هذا الموضوع تحت عنوان التسامح وفصل الدين عن الدولة, مبيناً كيف بدأ الربط المباشر بين تحقيق التسامح في المجتمع بالمطالبة بإرساء دعائم مجتمع مدني سياسي منفصل عن السلطة الدينية, حتى صار مطلباً أساسياً لدعاة التسامح من الليبراليين, والعلمانيين, وبدأت بواكير فصل الدين عن الدولة سنة ١٦٦٧م ببحث عن التسامح كتبه لوك ثم تطور الأمر حتى إن الكتابات التي تلت كتابه عن التسامح نادت بنقد الدين الذي أصبح ينظر إليه بوصفه أحد مسببات التعصب الرئيسة.
ثم قرر المؤلف أن التسامح العلماني نتاج غربي, معبر عن حضارة الغرب, ومفاهيمه, وظروفه, التي أحاطت به حتى صار حاجة ملحة لمواجهة الحروب الدينية, والتعصب الديني الذي اجتاح أوروبا من القرن السادس عشر, وحتى منتصف القرن السابع عشر. ثم إن بروز الحداثة, وظهور مفاهيم سياسية جديدة ومنها دولة القانون, والمجتمع المدني, والعلمانية أدت إلى توسع مفهوم التسامح ليشمل حرية الرأي والتفكير, بعد أن كان مقتصراً على حرية العبادة, وليصبح تسامحاً سياسياً, وعرقياً, وقومياً, واجتماعياً, وجنسياً.
وتحت عنوان التسامح والنسبية بيَّن المؤلف ارتباط التسامح بالنسبية التي تعني أن المعتقدات والقيم مرتبطة بحاملها, ولا يصح فرضها على الآخرين, لأن الحقيقة نسبية وليست لها صفة العمومية, ولما كانت القيم ليست مطلقة الصحة عند الليبراليين والعلمانيين فلابد من ترك الأفراد وما يعتقدون دون تدخل من أي جهة أخرى, لأن المجتمع حتى يصبح متسامحاً لابد له من الاعتراف بأن الحق حق عند حامله فقط, والباطل باطل عند ناقده فقط, وعلى هذه الرؤية يتأسس التسامح العلماني المبني على الشك والنسبية.
وناقش المؤلف الشرط الثالث للتسامح وهو التعددية والديمقراطية، والتعددية هي الحق المشروع في الاختلاف, فقاعدة التعددية قائمة على احترام الاختلاف, والاعتراف للآخر بآخريته, وعدم التمييز بين الأفراد والجماعات المتباينة عقدياً, وسلوكياً من منطلق حرية الأفراد والجماعات في تبني ما يشاءون والتمسك بما يرون من آراء. وفي ظل هذا الوضع التعددي لا بد للتسامح حتى يثمر أن يستند إلى دولة ديمقراطية محايدة علمانية, لا تفرض قيماً, ولا ترتكز على أخلاقيات عليا خارجة عن المجتمع التعددي.
ثم ختم المؤلف كتابه بثلاثة أسئلة مثارة وهي: هل يصلح التسامح في المجتمعات التي تبني نظام حياتها على المنفعة والمصلحة الفردية؟ وهل يمكن تطبيق التسامح في دولة تحمل عقيدة دون أن يؤدي ذلك على التأثير السلبي على عقيدة الأمة؟ وهل التعددية حق يجب اتباعه وإخضاع المجتمعات كافة له؟ وأجاب المؤلف عن هذه الأسئلة, ليقرر بعدها أن قبول التسامح الليبرالي يعني قبول المنظومة الفكرية المتكاملة والتي نشأ التسامح الليبرالي فيها, والتي ترتكز على إحلال الطبيعي محل الإلهي, والعقل محل الوحي, والإنسان محل الله, والقانون الوضعي محل القانون السماوي, وهي مرتكزات تهدف إلى تقويض دعائم الإسلام, وتفرض أفكاراً مناقضة لتعاليمه.
والكتاب على صغره قد أحاط بجوانب الموضوع وبين حقيقة التسامح الليبرالي، فأجاد وأفاد، وإن كان قد أجمل في الرد.