[الموقف الشرعي الصحيح من وفاة أهل الضلال]
(محمد عابد الجابري، مثالاً)
موقع الدرر السنية - قسم دراسات الواقع
١٩ جمادى الأولى ١٤٣١هـ
إن المسلم الحق كما يحزن لموت العلماء والدعاة إلى الله، يفرح بهلاك أهل البدع والضلال، خاصة إن كانوا رؤوساً ورموزاً ومنظرين، يفرح لأن بهلاكهم تُكسر أقلامُهم، وتُحسر أفكارُهم التي يلبِّسون بها على الناس، ولم يكن السلف يقتصرون على التحذير من أمثال هؤلاء وهم أحياء فقط، فإذا ماتوا ترحموا عليهم وبكوا على فراقهم، بل كانوا يبيِّنون حالهم بعد موتهم، ويُظهرون الفرح بهلاكهم، ويبشر بعضهم بعضاً بذلك.
ففي صحيح البخاري ومسلم يقول صلى الله عليه وسلم عن موت أمثال هؤلاء: ((يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)) فكيف لا يفرح المسلم بموت من آذى وأفسد العباد والبلاد.
لذلك لما جاء خبر موت المريسي الضال وبشر بن الحارث في السوق قال: لولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود، والحمد لله الذي أماته، .. (تاريخ بغداد: ٧/ ٦٦) (لسان الميزان: ٢/ ٣٠٨)
وقيل للإمام أحمد بن حنبل: الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد، عليه في ذلك إثم؟ قال: ومن لا يفرح بهذا؟! (السنة للخلال: ٥/ ١٢١)
وقال سلمة بن شبيب: كنت عند عبد الرزاق -يعني الصنعاني-، فجاءنا موت عبد المجيد، فقال: (الحمد لله الذي أراح أُمة محمد من عبد المجيد). (سير أعلام النبلاء: ٩/ ٤٣٥) وعبد المجيد هذا هو ابن عبد العزيز بن أبي رواد، وكان رأساً في الإرجاء.
ولما جاء نعي وهب القرشي -وكان ضالاً مضلاً- لعبد الرحمن بن مهدي قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه. (لسان الميزان لابن حجر: ٨/ ٤٠٢)
وقال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية ١٢/ ٣٣٨) عن أحد رؤوس أهل البدع: (أراح الله المسلمين منه في هذه السنة في ذي الحجة منها، ودفن بداره، ثم نقل إلى مقابر قريش فلله الحمد والمنة، وحين مات فرح أهل السنة بموته فرحاً شديداً، وأظهروا الشكر لله، فلا تجد أحداً منهم إلا يحمد الله)
هكذا كان موقف السلف رحمهم الله عندما يسمعون بموت رأسٍ من رؤوس أهل البدع والضلال، وقد يحتج بعض الناس بما نقله الحافظ ابن القيم في (مدارج السالكين: ٢/ ٣٤٥) عن موقف شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية من خصومه حيث قال: (وجئت يوماً مبشراً له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكَّر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم وقال: إني لكم مكانه ... ) ومن تأمل ذلك وجد أنه لا تعارض بين الأمرين فمن سماحة شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا ينتقم لنفسه ولذلك عندما أتاه تلميذه يبشره بموت أحد خصومه وأشدهم عداوة وأذى له= نهره وأنكر عليه، فالتلميذ إنما أبدى لشيخه فرحه بموت خصمٍ من خصومه لا فرحه بموته لكونه أحد رؤوس البدع والضلال.
وبالأمس توفي أستاذ الفلسفة ومنظر العقلنة محمد عابد الجابري، وفرح بوفاته أهلُ الإيمان، وكيف لا يفرحون بوفاة من هذه أفكاره:
• جوَّز حدوث الخطأ والنقصان عند جمع القرآن بدعوى أن جامعيه غير معصومين وأنه تم تدارك بعض هذا النقص. (مدخل إلى القرآن الكريم: ص ٢٣٣)
• يرى أن قطع يد السارق غير ملائم في الوقت الحاضر لردعه عن تكرار السرقة بل الملائم هو السجن. ويرى إسقاط حد الزنا وشرب الخمر والقذف والاكتفاء بالسجن. لأن الحدود ليست غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة للردع والزجر. (وجهة نظر نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر: ص ٦٠ و ٧٣)
• وهو أحد رواد ورموز العقلنة ويدعو إلى: (الدفع بالفكر العربي في اتجاه العقلنة) (تكوين العقل العربي: ص ٥٢)
• ويقول: (لأن موضوعنا هو العقل، ولأن قضيتنا التي ننحاز لها هي العقلانية) (تكوين العقل العربي: ص٧)