للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ماذا يريد السلفيون من منتقديهم؟]

عبد اللطيف التويجري

٢٦ ربيع الآخر ١٤٣١

المتابع لما يُطرح في الساحة الفكرية والإعلامية اليوم حول الهجوم على منهج السلف؛ يجد أن الهجوم متعدد الأطياف، متنوع الأهداف ـ ولكل من هؤلاء وجه هو موليها، والله حسيبه عليها ـ وفي هذه القضية جال في نفسي خطرات وإشارات سريعة، وقد انتظمت في القضايا التالية:

أولاً: قضية العلم والمعرفة

أكبر مشكلة تواجه الكثير من السلفيين في أثناء نقاشهم مع منتقديهم هي: ضعف التكوين الشرعي لدى الطرف المنتقد، فتجد استدلالاً بالعموميات، أو بأحاديث ضعيفة، أو رمي التُّهم جُزافاً على الجميع، أو تضخيم خطأ عين، أو الاعتراض بأدلة وأقيسة فاسدة لا تصلح للاحتجاج والقياس العلمي، ونحو ذلك من الحجج والبراهين السائبة!

والمتأمل في المنتديات والحوارات يجد في ذلك كيل بعير في عدة مسائل: سواء في القضايا الفقهية: كالاختلاط والغناء والحجاب .. أو القضايا العقدية: كمحبة الكافر غير المحارب، والتقارب مع الطوائف المبتدعة، والأعياد الوافدة، والنزعة الإنسانية .. أوقضايا السياسة الشرعية: كتصور نظام الحكم في الإسلام أو مفهوم العدل والمساواة والحريات، وغيرها.

وغاية المراد في ذلك: أن تراعى في هذه القضية الأصول العلمية للنقد؛ وأن لا تكون التُّهم ملقاة بلا زمام، وأن يبني الناقد فكرته على أدلة صحيحة معتبرة؛ ليعرف الآخر كيف يجيبه، فهذا أدعى للإنصاف والموضوعية، هذا إذا كان الناقد صادقاً يريد أن يبني بنقده، أمَّا إذا أراد هدم المشروع السلفي وإزالته؛ فهذا له كلام آخر، حيث إن لهم في ذلك مشاريع وأفكار تجدونها مفصَّلة في تقارير مؤسسة راند الأمريكية، وفي كتابات بعض السطحيين من بني جلدتنا!

ثانياً: قضية الأصول والقواعد

من المعلوم أن لكل منهج ومذهب أصولاً وقواعد يبني عليها منهجه ومذهبه، وقواعد وأصول المنهج السلفي واضحة ومعلومة، لكن كثيراً من المنتقدين لا تعرف كيف تحاجه وكيف تجادله؛ لأن أصوله وقواعده مضطربة، ومنهجه ((مطاطي)) فإلى ماذا تحاكمه؟ وكيف تحاوره وتناقشه؟ فإذا كانت أصوله الكتاب والسنة، فما أدواته المعرفية لفهم نصوصهما؟! وما ضوابطهما؟! وكيف نعرف أنه أصاب أم أخطأ؟! وهل يعرف النصوص بمحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها؟! إلى غيرها من الأصول العلمية المعتبرة، ومن أمثلة هذه القضية:

بعض المنتقدين قد يحتج عليك بكلام الإمام أحمد، أو ابن تيمية أو ابن القيم .. إلخ، ثم تُسلم له، فإذا اعترضت على رأي آخر له، بكلام لنفس العلماء الذين احتج بهم، غاض وفاض، وقال أنتم أيها السلفيون تعتبرون أحمد بن حنبل هو الإسلام! وابن تيمية السنة! وهكذا دواليك .. فلا تعرف كيف تحاجه؟ وكيف تحتكم معه في اختلاف فهم نص؟! أو تضعيف حديث؟! أو اعتراض على قياس؟! أو نحوهما من القواعد والأصول العلمية لفهم الكتاب والسنة!

ومن المفارقات، أن علماء السلف السابقين عندما ناقشوا مخالفيهم ومنتقديهم، نقدوهم من خلال أصولهم وقواعدهم، واحتجوا بكلام رجالهم وأهل مذهبهم، مثل أقوال الباقلاني والفخر الرازي والجويني بالنسبة للأشاعرة، وأقوال أرسطو وسقراط وأفلاطون بالنسبة إلى الفلاسفة وهلم جرَّا.

ثالثاً: قضية التحدث باسم السلفية

<<  <  ج: ص:  >  >>