عفواً يا شيخ سلمان، إنه رسول الله!
علوي بن عبد القادر السَّقَّاف
١٥ صفر ١٤٢٩هـ
الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة داعيةٌ معروف، له جهودُ في الدعوة إلى الله تعالى لا تنكر، يُسَرُّ المؤمن والداعية بكثيرٍ منها، وله أطروحاتٌ يخالفه فيها كثير ممن يحبونه بصدق ويريدون له الخير -فصديقك من صَدَقك لا من صدَّقك- وفي بعضها وخاصة السنوات الأخيرة خروج عن المألوف عنه قبل سنوات مضت، وبعض هذه الأطروحات لا يجوز السكوت عنها لما فيها من المخالفة الواضحة للهدي النبوي، والناظر إلى أخطائه هذه يجدها منتظمةً في مسارٍ معيَّن، للشيخ فيه تأويل لا يُوافَق عليه، وواجب الأخوة في الله، والنصح لعامة المؤمنين وخاصتهم تقتضي بأن يُذَكَّر الشيخ، لعله يقف وقفةَ مراجعةٍ وتأمُّلٍ في دلالاتِ الشريعة ومآلاتِ الأمور، وألا يستمر في إعراضه عن نصح الناصحين ونقد المحبين له؛ لأن هذا قد يُفضي به إلى مزيدٍ من الابتعادِ والإغرابِ في الاجتهاد؛ لكونه بشراً ضعيفاً محتاجاً لعون الله ونصح إخوانه.
من هذه الأطروحات التي لا يجوز السكوتُ عنها مقالة نشرها الشيخ في موقع الإسلام اليوم قبل عام بعنوان ((بين الولاء الإسلامي والفطري)) والتي رد عليه فيها عددٌ من المشايخ الفضلاء، ومنها ما طرحه مؤخراً حول الحدث الأخير المتعلِّق بالرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم التي قام بها حفنة من الكفرة أعداء الله ورسوله في الدانمرك في سبع عشرة صحيفة دانمركية متحدين بذلك مشاعر المسلمين ومسيئين ومستهترين بأعظم مَن له على المسلمين حقٌ ألا وهو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حيث نشرت وسائل الإعلام الدانمركية خبراً مفاده أن مجموعةً من المسلمين في الدانمرك خططوا لاغتيال أحدِ رسامي الرسوم المسيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستبعد الشيخ سلمان -وفقه الله- وقوع هذا التخطيط لقتل الرسَّام، وقدَّر أن الموضوع مجرَّدَ مؤامرةٍ من الحكومة الدانمركية، ولكنه عاد ليقول: ((إذا وُجد في هذه الأيام مَن يفكرون بهذه الطريقة فهم يسيئون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفس القدر الذي أساء به أصحاب الرسوم، أياً كانت المنطلقات والعواطف التي انطلقوا منها)) قال هذا في برنامج الحياة كلمة على قناة الـ ( mbc) الفضائية يشاهده ويسمعه آلاف المسلمين، ثم نُشر ذلك في موقع الإسلام اليوم بتاريخ ٩/ ٢/١٤٢٩هـ
فيا سبحان الله!!
كيف يكون قاتل المسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد أساء إليه كمن رسم رسوماً يستهزئ فيها به عليه الصلاة والسلام؟
لقد كان بإمكان الشيخ العودة -حفظه الله- أن يبدي وجهة نظره في محاولة قتل من أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بغير هذا الأسلوب الذي تقشعر منه جلود الذين آمنوا، والعجيب منه أنه يردف ذلك بقوله: ((أياً كانت المنطلقات والعواطف التي انطلقوا منها)) وهذا يعني أنه لو انطلق أحدُ هؤلاء من نصوص الشرع وأخذ بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إهدار دم سابِّهِ والمستهزئ به، وبما أجمع عليه علماءُ المسلمين - كما نقل ذلك عنهم ابن المنذر والقاضي عياض وغيرهما- يكون فعله هذا كفعل من أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟!
بل لو قدَّرنا أنَّ أحدهم فعل ذلك من باب العاطفة وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يعلم شيئاً عن هذه النصوص؛ أيكون فعله كفعل من أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟! بل لو سَلَّمنا أن هذا خطأ كما يراه الشيخ سلمان، ومفسدته أعظم من مصلحته، أيكون خطؤه هذا كخطأ وجريمة من أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟!
لا شك أن هذه زلة من الشيخ سلمان لكن لعلها زلة لسان، ولعله أراد أن يقول بأن كلاًّ من هؤلاء وهؤلاء مسيء، وعلى كل حال ما يزال هناك فرصة للشيخ يوضح فيها مراده بهذا التصريح، ولولا أنه ذكره أمام آلاف المشاهدين لساررته به.
ولا ينسى كثير من المسلمين موقف الشيخ ومن كان معه ودورهم المؤثّر سلباً في إفشال المقاطعة الشعبية العارمة قبل نحو عامين عند نشر الرسوم للمرة الأولى مما جرأهم على إعادة الكرة مرة أخرى غير آبهين بمشاعر مليار مسلم مادام فيهم من يسعى إلى وأدها في مهدها.
وأخيراً، أسأل الله تعالى أن يقي الشيخ سلمان عواقب ومغبة هذه الطريق الوعرة، وأن يهدينا وإياه إلى الحق وأن يلهمنا رشدنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم