مؤسستان أمريكيتان بالغتا التأثير في الرأي العام النخبوي والشعبي في الولايات المتحدة، هما: مؤسسة ميمري وايباك. تتكاملان في وظائفهما لتحدثا التأثير المطلوب، ومن ثم تحقيق أهداف الدولة الصهيونية. والمتابع لبرامجهما الإعلامية والسياسية يلحظ مدى التكامل الواضح في الغايات والتنسيق في الأهداف لضمان أن يبقى الدعم الأمريكي السياسي والاقتصادي والمعنوي متدفقاً يخدم استراتيجية الدولة اليهودية في المنطقة العربية.
تأسست "ميمري MEMRI "، أو معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام The Middle East Media Research Institute، عام ١٩٩٨م. أسسها العقيد ايغال كرمون Yigal Carmon، وهو ضابط استخبارات سابق بالجيش الإسرائيلي من عام ١٩٦٨م إلى عام ١٩٨٨م، وعمل بعدها مستشاراً أمنياً لمكافحة الإرهاب لكل من رئيسي الوزراء الإسرائيليين إسحاق شامير وإسحاق رابين. تتخذ المؤسسة من واشنطن العاصمة مقراً لمركزها الرئيس، مع وجود مكاتب فرعية لها في كل من لندن، وروما، والقدس، وبغداد، وشنغهاي، وطوكيو. ومن برامجها الفكرية المهمة ترجمة البحوث إلى اللغات الإنجليزية، والفرنسية، والأسبانية، والألمانية، والإيطالية، والبولندية، والروسية، والصينية، واليابانية، والعبرية.
تزعم المؤسسة في موقعها على شبكة الإنترنت أنها "منظمة مستقلة، غير حزبية، وغير ربحية." وأنها تهدف إلى ردم "الفجوة اللغوية" القائمة بين الغرب والشرق الأوسط من خلال (توفير ترجمات آنية باللغات العربية، والفارسية، والأردية، والتركية، والقيام بإجراء تحليل سياسي، وأيديولوجي، وفكري، واجتماعي، وثقافي وديني للاتجاهات في منطقة الشرق الأوسط.). لكن المتابع لما تقوم به يلحظ أنها تحظى بدعم مادي ومعنوي كبير من جهات عديدة ذات علاقة مباشرة بالسياسة الإسرائيلية في المنطقة، وأنها تسير في الخط المرسوم لها بعناية فائقة وتخطيط محكم لبلوغ الغايات التي تأسست من أجلها وأماني الداعمين والممولين لها. فهي تركز على (٢٠ دولة) في المنطقة، ليس من بينها إسرائيل بطبيعة الحال. هذه الدول هي: أفغانستان، والجزائر، والبحرين، ومصر، وإيران، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، وباكستان، وقطر، والسعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتونس، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، واليمن. ومن ضمن قائمة هذه الدول أشارت المؤسسة إلى أنها تغطي كل ما يتعلق بالفلسطينيين أو الشأن الفلسطيني، كذا دون ذكر لدولة فلسطين. فعندما أشارت إلى الدول المذكورة باللغة الإنجليزية قالت ( Palestinians) !! أي الفلسطينيين، ولا يتوقع المرء من منظمة بهذه الأهداف أن تذكر "فلسطين" كدولة.
"ميمري" استفادت من الدعم المادي والمعنوي المقدم لها، ووظفت هذا الدعم في تنفيذ سياساتها وخططها. فعلى الرغم من أنها تستهدف الأخبار والتقارير التي تُظهر صورة العرب والمسلمين في الإطار السلبي دائماً، وملاحقة الأخبار والتقارير التي تؤيد ذلك، وتجاهل أي آراء لا تتفق مع منهجيتها، إلا أنها نجحت في تسخير آلياتها وإمكانياتها لتنفيذ ذلك من خلال المتابعة المستمرة وعلى مدار الساعة لكل ما يخدم توجهاتها. هذه المؤسسة تركز على النشاز الذي ينشر في الصحف العربية والإسلامية ومواقع الانترنت، وخاصة الإسلامية وتجعل منه مادة لتقاريرها التي تقدمها إلى مؤسسات الضغط السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة، ومن أبرزها مؤسسة أيباك.