أيباك، أو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية American Israel Public Affairs Committee، هي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي. تأسست في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، وتهدف إلى تحقيق الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني الموجود على أرض فلسطين. عضوية هذه المنظمة لا تقتصر على اليهود وحدهم بل يوجد بها أعضاء ديموقراطيون وجمهوريون بروتستانت وكاثوليك متعاطفون مع اليهود. وظيفة هذه المؤسسة، التي تتكامل فيها مع ميمري، هي العمل على تقوية العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بغية الإبقاء على الدعم الأمريكي القوي للكيان الصهيوني، أيضاً من خلال تقديم المعلومات وتحليل الأخبار والتقارير عن ما يجري في الشرق الأوسط لتكون مصدرا معلوماتيا مهماً لصناع القرار السياسي في الولايات المتحدة ووسائل الإعلام ومراكز البحوث والدراسات الأمريكية، وكثيرا ما تنشر صحف أمريكية مرموقة مثل الواشنطن بوست والنيويورك تايمز ما تنفرد به مؤسسة أيباك من معلومات زودتها بها ميمري.
الذي يعنينا هنا من هذه المقدمة كلها أن ميمري تركز مؤخرا على السعودية وما ينشر في وسائل إعلامها من قضايا محلية (الدينية والاجتماعية على وجه الخصوص) وتجعل منه مادة لتشويه صورة المملكة لدى الرأي العام النخبوي في الولايات المتحدة. فقد تتبعت عددا من القضايا التي كانت موضوع نقاش ديني وفكري في صحفنا المحلية أو في بعض ما تنشره المواقع على الانترنت وجعلت منه مادة مشوهة تخدم ادعاءات الصهاينة الأزلية أو اليمين المحافظ في أمريكا عن المملكة ومؤسساتها وشعبها.
لا يعني ذلك - بالطبع- أن نتوقف عن حراكنا الإعلامي، لكن هذا الحراك ينبغي أن يستحضر المصلحة الوطنية أولا وقبل كل شي، وأن لا نجعل للعدو منفذاً يدخل علينا منه، من باب (وشهد شاهد من أهلها)، وهذا يتطلب حذرا شديداً من تدويل قضايانا المحلية أيا كان موضوعها. كما أن على مؤسساتنا البحثية المعنية - في الجامعات على وجه الخصوص- أن ترصد ما ينشر عنا في مواقع هاتين المؤسستين لتقدم الحقيقة للباحثين عنها، لا كما تقدمها ميمري أو أيباك.
ثم اختم بتساؤل جوهري: ألم يحن الوقت (في زمن التدافع المعلوماتي) لدولة كبيرة بحجم المملكة وما لها من ثقل مؤثر في العالم كله أن تكون فيها مراكز بحوث ودراسات استراتيجية (حكومية أو أهلية) لتدفع عن السعوديين ما ينشر عنهم؟