للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يا أصحاب الحجة والبيان ... لا تخطئوا العنوان!]

عبدالعزيز مصطفى كامل

لا أريد بداية بهذه الكلمات أن أصدر بياناً مستقلا، فلست إلى هذا الشأن أو ما يدانيه أصل.

وأؤكد بداية أني لا أقلل من شأن البيانات والتصريحات التي صدرت عن فاجعة غزو غزة، فلست عن أهمية هذا أغفل.

ولا أقصد أن استكثر على أهل غزة أي جهد من القول وإن كان بنصف كلمة، ومن البذل ولو كان بشق ثمرة.

ولكن - ودعوني أقول (ولكن) - أريد لفت الانتباه إلى أننا في أكثر بياناتنا لمعظم ما يصيبنا؛ نصر على حرث البحر، وزرع الهواء، وتلقيح القبور ببذور الزهور، وذلك بتجاهل حقائق ما وراء المواقف، وتجاوزالحكم عليها وبيان الموقف العلمي الشرعي المطلوب فيها، وتعالوا نتأمل في ردود أفعالنا تجاه النوازل المتتابعة التي تعد البيانات الصادرة عن النخب العلمية والفكرية والدعوية أبرز صورها وأقوى صدى لها، لما تمثله من خلاصة رأي الخاصة، التي على العامة أن يأخذوا بها ويتحركوا على وفقها.

وأتجاوز هنا الحديث عن بيانات الهيئات والشخصيات والاتجاهات العلمانية، رسمية كانت أو شعبية، قاصدًا البيانات الصادرة عن فعالياتنا الإسلامية.

ولنأخذ النازلة الأخيرة في غزة نموذجًا، سواء طوال مدة الحصار، أو ما تلاها من فتح بوابات الجحيم والنار على إخواننا الصامدين:

• فأكثر بياناتنا منذ بدأ الحصار، تطالب وتناشد (المنظمات الدولية)، بأن تطبق مقررات العدل، وتراعي قيم الإنسانية، وتتدخل لإنهاء هذه المأساة، مع علمنا أنهم لا يسمعوننا، ولو سمعوا ما استجابوا لنا! وتدل على ذلك عشرات إن لم تكن مئات المرات التي جرى فيها بيننا وبينهم حوار الطرشان دون إسماع أو إفهام!

• ومعظم البيانات والنداءات منذ بدأ الحصار، تناشد (الأنظمة العربية) أن تدخل "بكل ثقلها" لرفع المعاناة عن إخواننا، ونحن نعلم أن أكثر تلك الأنظمة كانت مشارِكة مشارَكة منظمة في صنع هذه الحالة، بوضع غزة تحت وطأة الحصار، توطئة لإدخالها تحت خط النار، والهدف إخراج حماس من المعادلة، لأن أجندتها لم تعد مناسبة لطريق الاعتراف والتطبيع الذي تتوجه إليه معظم تلك الأنظمة.

• ولم تخل بياناتنا طيلة مدة الحصار؛ من "مناشدة" الحكومة المصرية، بأن تتجمل وتتكرم، وتستجيب للنداء والرجاء والاستجداء، بفتح كوة التنفس من بوابة رفح، مع أن كثيرًا من الموقعين على البيانات التي صدرت سابقًا ولاحقًا يعرفون أن مصر الرسمية في حرب مع الاتجاهات الإسلامية ولو كانت سلمية في مصر والعالم منذ عقود طويلة، ولذلك كان بدهيًّا أن نتوقع استمرار الحصار مضروبًا حتى يحقق هدفه، وهو إسقاط حكومة حماس الجهادية بصيغتها الإخوانية التي ما يزال النظام المصري منهمكًا في حرب مفتوحة مع شقيقتها المصرية رغم سلمية طريقتها ومدنية نشاطها!

• وكل بياناتنا بشأن محنة إخواننا، كانت تنادي ولا تزال تطالب (الإخوة الفرقاء) بالالتقاء، ونسيان الخلافات وتوحيد الطروحات، مع يقيننا بأن الخلاف بين زعماء الفريقين خلاف تضاد منهجي، لا تنوع حركي، ومع علمنا بأن طريقي الإيمان والنفاق لا يلتقيان، وأن الأمانة والخيانة نقيضان لا يمتزجان، وأن صيغة الوحدة الوحيدة المقبولة لدى الأنظمة مصريًّا وفلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا، هي أن تركع حماس ومعها قيم الإيمان، لتخضع لسلطة عباس ولي الأمريكان، وأن تظل الرايات العلمانية هي المرفوعة مرفرفة إلى جوار رايات الدولة الصهيونية اليهودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>