للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا قلت وأقول: تبقى أمور من (البيان) ينبغي أن يراعيها ولا يتجاهل معانيها أي بيان أو تصريح أو فتوى أو تحرك يصدر عن خواص الأمة بشأن نوازل المسلمين حاضرًا أو مستقبلًا، وهي الأمور والقضايا التي تقف خلف المواقف والنوايا المعلنة من الأطراف في كل أزمة، ولا شك أن استكشاف ذلك ثم كشفه مهم، وهو ليس من الأمور المعضلة أو الخفايا الغامضة، بحيث نساهم بسكوتنا عنه أو تجاهلنا له في تحقيق مآرب المخططين، وتغطية سوءات المتآمرين؟ لا يكفي في الأحداث الكبيرة أن يعرف الناس تسلسلها والجديد فيها، بل الأهم من ذلك أن يعرفوا حقيقة ما أدى إليها وما يتوقع من ورائها، وهذه وظيفة الخواص في اقتناص لحظة الحدث لتحقيق (استفاضة البيان) بشأن القضايا التي تتوه في التفاصيل أويطويها النسيان.

إن ما يسمى - مثلا - (بالنظام الدولي) والذي أجهدنا أنفسنا في مناشدته "بالضغط " لرفع الحصار ثم السعي لوقف العدوان، هو بالضبط من أسبغ على ذلك الحصار ثم ذاك العدوان صبغة "الشرعية الدولية " تمامًا كما فعل في حصار العراق ثم العدوان عليه، وحصار أفغانستان ثم العدوان عليها، والحصارات التي فرضت ويمكن أن تفرض على بلاد أخرى إسلامية تمهيدًا للعدوان عليها، مثل السودان أو الصومال أو غيرها من شعوبنا الإسلامية المتربص بها لأهداف استكبارية، كما أن ذلك النظام الدولي هو الذى أعطى شرعيته الدولية منذ ست عقود لوجود الدولة الصهيونية المعتدية على أرضنا الإسلامية، إضافة إلى ذلك فإن (المجتمع) الدولي الرسمي تحت ذاك النظام هو الذي اجتمع مع أمريكا في حربها العالمية ضد المسلمين المقاومين للعدوان، باسم الحرب على (الإرهاب) التي كان ولابد أن تشمل منظمة حماس وفقًا للتصنيف الأمريكي، والتصفيق العربي.

• وإن ما يعرف (بالنظام العربي) في معظم دوله، كان من البدهي أن نفهم بأنه شريك رسمي معلن لأمريكا في حربها ضد ذلك "الإرهاب" المدعَى، فكان من غير المتوقع أن يرفع ذلك النظام حصارًا فرضته الحليفة الكبرى - أمريكا ـ لأن المحاصرين ليسوا فقط "حركة إرهابية" كما تصنفها الحكومة الأمريكية، ولكن "حكومة إرهابية" كما وصفتها الحكومة الصهيونية، وتبعتها منظمة "التحرير" الفلسطينية!

• وكذلك فإن (النظام المصري) الذي لم يسمح لجماعة الإخوان المسلمين "المسالمة" في مصر بالمشروعية عبر أكثر من نصف قرن مع تسميته لها (بالجماعة المنحلة) في عهوده المتتالية؛ لم يكن ليسمح - كما قال مسؤول رفيع في النظام - (بإمارة إسلامية) على حدود مصر، مع أن ذلك النظام وغيره رضوا واعترفوا وطبعوا مع دولة همجية عنصرية توسعية على حدود أربع دول عربية، مع علم الجميع بأنها تستهدف ما تحت كراسيهم، وما فوق عروشهم في خططها المعلنة المستقبلية!

• وهكذا أيضًا - يا موقعون - كيف تتوقعون بل كيف تطالبون في بياناتكم بمزج المنهج العلماني الوضيع، بمنهج الإسلام السامي الرفيع، عن طريق مناشدة الإسلاميين في فلسطين أن يكونوا صفًّا (واحدًا) مع العلمانيين الخائنين للوطن والدين؟ ومتى حدث في التاريخ أن يكون المنافقون والمؤمنون بعضهم أولياء بعض؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>