• ثم إننا نتوهم ونوهم الآخرين، ونظل نتوقع ونوقع الآخرين في تحقق خرافة دعم الأنظمة للحركات المقاومة، ففي كل نازلة ترتفع الأصوات في البيانات والمؤتمرات والندوات منادية تلك الحكومات بإعلان الجهاد، ودعم حركات المقاومة في العالمين العربي والإسلامي، ومدها بما تحتاج إليه من مال وعتاد، مع ضرورة تحريك الجيوش التي تتسلح بالمليارات من ميزانيات قوت أطفالنا، وأدوية مرضانا، ومشاريع تشغيل شبابنا العاطل ومرافقنا المهملة. نطالب بذلك كل مرة مع تأكدنا بأن تلك الجيوش لم تعد لها وظيفة إلا حماية العروش، ومع يقيننا بأن الدور المناط بمعظم تلك الحكومات هو مقاومة المقاومة، حتى تبقى تلك الأنظمة وحلفاؤها سالمة.
• وأيضًا فإننا نسرف في التعويل على الصراخ والعويل في مظاهراتنا ومسيراتنا (السلمية)، تحت وقع الضربات (الحربية) التي تفتك بالآلاف من المدنيين قبل العسكريين، مطالبين بتدخل الزعماء دعمًا لتحرك الشعوب؛ مع أننا لم نر في أزمة من أزماتنا أن تظاهرات المحتجين وحدها؛ أعادت حقًّا، أو أرجعت أرضًا أو تبعتها مناصرة الرسميين، مدنيين أو عسكريين، خاصة في بلاد المسلمين، ولكن العسكر لو تحركوا، فلقمع المحتجين وتفريق المتظاهرين، أو على الأقل انتظارهم حتى يقضوا وطرهم وينفسوا احتقانهم ثم ينصرفوا "راشدين"!!
ساعة الحقيقة:
إذن نحن أمام ساعة حقيقة قدرية، تحتاج إلى مزيد من (بيان) الحقيقة الشرعية، حيث يتوجب على قادة الأمة من علمائها وأولي الرأي فيها أن يبينوا للناس ما وراء الأحداث، والحكم الشرعي في كل قضية حتى تُبنى عليها المواقف العملية، فالواقع المر أننا نقر في كثير من بياناتنا ونداءاتنا وترجياتنا، بشيء من شرعية ما تقوم به تلك النظم الدولية والإقليمية والمحلية، عندما نصر على إعطائها اعتبارًا ومصداقية، مهما صدر عنها من جنايات، وظهر من خيانات.
وما دام الأمر يتعلق بمطالبات ومناشدات؛ فدعونا نطالب "أعلام الموقعين" على البيانات، ممن نعلم سمعهم ونرجو جوابهم، أن يفيدوا الجماهير الغاضبة الصاخبة، بالأمور الواجبة شرعًا وعقلًا، عندما يستحكم تحالف المنافقين مع الكافرين، ويظهر ما كان مخفيًّا من التآمر عبر سنين، فيبينوا لهم ما هو الحكم الشرعي الواضح في المُصرين على تطبيع العلاقات مع المعتدين، وتنسيق التحركات مع أشد الناس عداوة للذين آمنوا، والتحالف مع الكفار الظاهرين ضد المسلمين المنافحين عن العرض والدين في فلسطين وغير فلسطين؟
نريد من (المبينين) المكلفين بالبلاغ المبين أن يدلوا عموم الأمة على سبل النصرة المتاحة، بعد أن صارت في غالبيتها غير مباحة بعد تحريم الأنظمة لها، وتجريمهم لمقترفها، بدءًا من غلق الحدود أمام المجاهدين، ومحاصرة طرق التواصل مع المقاومين، وإغلاق منافذ توصيل المساعدات والتبرعات المباشرة، ومرورًا بحرمان أصحاب المنابر حتى من النصرة بالحناجر، مع قمع المسيرات ومنع التظاهرات، ووصولًا إلى ما استمر طيلة فترة الحصار من منع القنوت العام في المساجد وتجريم التجمع فيها لمدارسة شئون المسلمين بدعوى عدم خلط السياسة بالدين!!