[موقف الصحابة من الفرقة والتفرق]
عنوان الكتاب ... موقف الصحابة من الفرقة والفرق
اسم المؤلف ... أسماء بنت سليمان السويلم
تقديم ... ناصر بن عبدالكريم العقل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام، وعبدالله بن عمر الدميجي أستاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى.
الناشر ... دار الفضيلة - الرياض
سنة الطبع ... ط١/ ١٤٢٦هـ
نوع الكتاب ... رسالة جامعية، تقدمت بها الباحثة لنيل درجة الدكتوراة، بإشراف الأستاذ الكتور ناصر بن عبدالكريم العقل، وقد نوقشت الرسالة عام ١٤٢٦هـ وأجيزت بتميز، ثم طبعت في مجلد واحد يقع في (٦٥٧) صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
لقد أمر الله تعالى بالاجتماع على الحق، والتمسك بصراطه المستقيم، ونهى عن التفرق واتباع السبل، ولكن أبى كثير من الناس إلا أن يسلكوا تلك السبل، وبدأ يظهر أول هذا في زمن الصحب الكرام رضي الله عنهم، ولم يقف ذلك الجيل الذي رباه المصطفى صلى الله عليه وسلم أمام هذه النزعات الجديدة من الفرقة موقف المتفرج، بل كان لهم دورهم الفاعل، وهذا ما كشفته لنا جلياً الباحثة جزاها الله خيراً، في رسالتها هذه، وفق منهج علمي جيد، بالاستدلال بالأحاديث والآثار الصحيحة محاولة جهدها ألا تستدل إلا بما صح، معتمدة في ذلك على تصحيح العلماء والباحثين على حد قولها.
فقد قامت في تمهيدها للرسالة في المبحث الأول، بالتعريف بالصحابي لغة واصطلاحاً، والطرق التي يعرف بها الصحابي، ثم أتبعته بمبحثِ (فضل الصحابة وفقههم رضي الله عنهم) أوضحت فيه فضلهم من الكتاب والسنة، وأوقفتنا على شيء من الآثار الدالة على فقههم، ثم بينت عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة، وعدالتهم ووجوب احترامهم وحرمة الوقوع في أعراضهم.
وهذه المباحث كانت بوابة الولوج للرسالة، التي بدأتها بالباب الأول (موقف الصحابة رضي الله عنهم من الفرقة) وقد حو ى هذا الباب على أربعة فصول:
الأول: (تعريف الاختلاف والفُرقة والفرق) عرّفت فيه المؤلفة بالاختلاف وأنواعه بين تنوع وتضاد وبين مذموم وغير مذموم، مع الأمثلة المبينة لكل نوع من هذه الأنواع، ثم عرّفت الفُرقة والفرق لغة اصطلاحاً وأنواع الفُرقة، ثم بينت في مبحث مستقل العلاقة بين الاختلاف والفُرقة وأنها علاقة عموم وخصوص مطلق.
الثاني: النهي عن الفرقة والتحذير منها في الكتاب والسنة والآثار، وقد أوفت المؤلفة الكلام على هذا الفصل في اثنا عشرة نقطة بالأدلة مع شروح العلماء وأقوالهم، ومن أمثلة ما ورد في هذا الفصل بيان حال أهل الفرقة والاختلاف من التنازع والشقاق في الدنيا والوعيد الشديد في الآخرة، ومثل تبرئة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم من أهل الافتراق ذما للفرقة ونهياً عنها، ومثل النهي عن مشابهو المشركين وأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم.
الثالث: أسباب الفرقة في الكتاب والسنة والآثار المروية، وقد جعلت لكل سبب من هذه الأسباب مبحثاً مستقلاً، فجاءت في أحد عشر مبحثاً ماتعاً، مليئة بالأدلة والأقوال والتنبيهات، بما لا يكاد يدع مجالاً للزيادة عليه، ومن هذه الأسباب: الجهل، والابتداع وعدم الاتباع، والغلو في الدين، والتعصب المذهبي والطائفي، والخروج عن الطاعة، والتشبه بالكافرين، واتباع الهوى.
الرابع: مضار الفرقة في الكتاب والسنة والآثار المروية، وقد ذكرت فيه المؤلفة كل ما يتعلق بهذا الفصل من المضار على الفرد المفارق من وعيد شديد وبعد عن التوبة وحرمان من الحوض والشفاعة وتسلط الشياطين عليه، وعلى المجتمع المسلم من تعطيل للجهاد وتسلط الأعداء وذهاب القوة ثم الهزيمة والفشل وظهور الفتن، ثم بينت سلامة الصحابة رضي الله عنهم من الفرقة، وأقوالهم في هذا الشأن مع عملهم على جمع كلمة المسلمين.
وبعد تتابع الفصول الأربعة نصل إلى الباب الثاني من الكتاب (موقف الصحابة رضي الله عنهم من الفراق) مهدت فيه بالكلام عن الفرق وجهود العلماء في بيانها والتعريف بها وطريقة تصنيفها وأصولها، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ((كلها في النار)) ثم أفردت مبحثاً للتعريف بالفرقة الناجية وصفاتهم، وبعد ذلك أفردت لكل فرقة من الفرق التي ظهرت في زمن الصحابة رضي الله عنهم فصلاً خاصاً.
ففصل في (الخوارج وموقف الصحابة منهم) حيث عرّفت بهم وبفرقهم وألقابهم ونشأتهم وأبرز معتقداتهم وأصلهم وكيف كان خروجهم وصفاتهم، ثم بينت موقف الصحابة منهم، وأنهم رضي الله عنهم اتبعوا معهم طرقاً شتى، وصلت إلى عشرة طرق، من الحوار والمناقشة إلى الوعظ والنصيحة إلى الترغيب والترهيب إلى التحذير منهم وهجرهم إلى آخر الحلول وهو القتال، كل ذلك بالأدلة من الآثار المخرجة من مصادرها الأصلية.
وأما فصل (الشيعة موقف الصحابة منهم) فعلى نفس ترتيب الفصل السابق بالتعريف بهم وبمعتقداتهم وفرقهم ونشأتهم، وأما موقف الصحابية منهم فكان في إحدى عشرة نقطة، كلها تحت: (قواعد التعامل مع الشيعة عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه) حيث بدأ بالرفض للتشيع مطلقاً والرد على شبهاتهم والمناقشة والمحاجة والتحذير وإعلان البراءة والوصية بالاعتدال بالحب.
وأما فصل (القدرية وموقف الصحابة منهم)، فأيضاً تم التعريف بهم وبأصنافهم ومعتقداتهم ونشأتهم، ثم موقف الصحابة منهم وجعلته في اثنا عشرة نقطة، بين نشر العلم بالإيمان بالقدر وبيان خطورة الخوض في القدر، وإعلان البراءة من القدرية ولعنهم والدعاء عليهم وتهديدهم والتشهير بهم.
ثم آخر الفصول (المرجئة وموقف الصحابة منهم)، عرّفت أيضا بهم وبفرقهم وأهم معتقداتهم وأقسامهم ما بين مرجئة الفقهاء ومرجئة المتكلمين، ونشأة المرجئة والقول به، ثم موقف الصحابة منهم.
ونذكر هنا أن المؤلفة قامت بوضع مبحث مستقل في كل من الفصول السابقة في بيان حكم كل فرقة من هذه الفرق، من أقوال وفتاوى العلماء.
وبهذا تنتهي أبواب وفصول الكتاب، خاتمةً له بخاتمة حوت أهم نتائج هذه الرسالة في خمسة عشر نقطة.
وقد بذلت الكاتبة جزاها الله خيراً جهداً كبيراً واضحاً أثمر ثمرة يانعة حقاً في هذا الباب الفريد الهام، الذي أوضح نهج الصحب الكرام تجاه الفرقة والفرق، ليكون نبراساً لمن بعدهم في اقتفاء آثارهم، فهم تلاميذ النبي المعلم الكريم صلى الله عليه وسلم.
وإن كنا نود لو أن المؤلفة لم تكتفِ بمجرد تخريج الآثار المروية عن الصحابة، بل بينت حكم هذه الآثار من صحة وضعف، وإن كنا نلتمس لها عذرا في أنها قالت في المقدمة "وحاولت جاهدة ألا أستدل إلا بما صح من الآثار المعتمدة على تصحيح العلماء والباحثين لها عند تحقيقهم لكتب السنة والسنن، وأما ما ذكر ولم يعلق عليه بصحة ولا ضعف فقد أذكره عند الحاجة إليه" ولكن كثرة تلك الآثار التي لم يحكم عليها جلعتنا ندون هذه الملاحظة.
إن هذا الجهد المشكور ليعتبر ذخيرة ثمينة للمكتبة الإسلامية في هذا الباب الخطير، فجزى الله خيراً المؤلفة وكل من ساهم معها على إخراج الكتاب بهذا الشكل المتقن.
والحمد لله رب العالمين.