للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحرم المكي ومضاعفة الأجر فيه]

عبد اللطيف بن عوض القرني

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

إن أفضل البقاع على الإطلاق البلد الحرام، خصّه الله سبحانه بالفضائل والمزايا وجعل له أحكاماً تخصّه عن سائر البلدان، ولذا كان من المناسب توضيح بعض الأحكام المتعلقة بالحرم المكي، وخاصة مضاعفة الأجر فيه، وقبل أن نشرع في ذلك لا بد من تعريف الحرم وحدوده وفضائله، فنقول:

الحرم وأسماؤه:

ورد اسم الحرم في كتاب الله _عز وجل_ وفي سنة نبيه محمد _صلى الله عليه وسلم_ ولفظ الحرم إذا أطلق عموماً فإنه يراد به حرم مكة وهو حرم الله وحرم رسوله _صلى الله عليه وسلم_، والحرم قد يكون الحرام، مثل: زمن وزمان، كما يطلق على حرم مكة: المحرم. (لسان العرب ٤/ ٩٥).

والحرمان: مكة والمدينة. جمع أحرام.

والحرم: حرم مكة وهو ما أحاط بها من جوانبها وأطاف بها جعل الله حكمه حكمها في الحرمة تشريفاً لها. (تهذيب الأسماء واللغات ٣/ ١/٨٢).

وهذا التعريف عام وهو مبنى على أن الحرم يشمل مكة، أما الآن فإن أجزاء من مكة خارج الحرم.

الفرق بين الحرم والمسجد الحرام:

ورد ذكر اسم المسجد الحرام في خمسة عشر موضعاً من كتاب الله وقد اختلف في المراد به على أقوال ذكرها ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة بقوله: "المسجد الحرام يراد به في كتاب الله ثلاثة أشياء: نفس البيت، والمسجد الذي حوله، والحرم كله" (أحكام أهل الذمة ١/ ١٨٩).

وزاد النووي في المجموع مراداً رابعاً وهو مكة. (المجموع شرح المهذب ٣/ ١٨٩).

حدود الحرم:

معرفة حدود الحرم مهم جداَ لتعلق كثير من الأحكام به، قال النووي: "واعلم أن معرفة حدود الحرم من أهم ما ينبغي أن يعتنى ببيانه، فإنه يتعلق به أحكام كثيرة" (تهذيب الأسماء واللغات ٣/ ١/٨٢).

وحرم مكة ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والأصل في معرفة حدوده التوقيف، ولا مجال للاجتهاد فيه منذ أن نصب سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام أنصاب الحرم، واختلف العلماء في زمن تحريم مكة، والصحيح أن مكة لم تزل حرماً من حين خلق الله السموات والأرض لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس _رضي الله عنه_ما أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة". (البخاري ٤/ ٤٦، ومسلم ١/ ٩٨٦).

فيفهم من ذلك أن مكة كانت حرماً منذ خلق الله السماوات والأرض وأن ما ورد في حديث عبد الله بن زيد _رضي الله عنه_ أنه سمع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يقول: "إن إبراهيم حرم مكة ... " (أخرجه البخاري ٤/ ٣٤٦، ومسلم ١/ ٩٩١).

فيحمل على أن إبراهيم عليه السلام هو الذي أظهر تحريمها بعد أن كانت خفياً، فوضع أنصاب الحرم بدلالة جبريل عليه السلام له، وهذا هو ظاهر كلام الإمام أحمد ورجحه النووي وابن كثير (الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٩٢) (المجموع ٧/ ٤٦٦) (تفسير ابن كثير١/ ١٧٤).

حدود الحرم من الطرق الحديثة:

أما مداخلة إلى مكة من الطرق الحديثة:

١ - من طريق جدة السريع: (٢١كم): من جدار المسجد الحرام الغربي من باب الملك فهد وحتى العلمين الجديدين على الطريق.

٢ - من طريق الليث اليمن الجديد (٢٠كم): من جدار المسجد الحرام الجنوبي وحتى العلمين الجديدين على الطريق.

٣ - من طريق الطائف الهدى الجديد (١٤.٦٠٠كم): من جدار المسجد الحرام الجنوبي وحتى العلمين الجديدين على الطريق السريع (الطائف الهدى) بالقرب من جامعة أم القرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>