[إيقاف القنوات الإسلامية ... الأسباب والحلول]
د. مالك الأحمد
١٧ذي القعدة١٤٣١هـ
لم يكن إيقاف بعض القنوات الإسلامية مفاجئاً للمراقب الإعلامي .. كانت المفاجأة بكثرة القنوات التي أوقفت والأخرى التي أنذرت في وقت واحد
البداية كانت مع قناة الرحمة والتي يديرها ويقدم الكثير من برامجها الشيخ محمود حسان قبل ٦ أشهر .. كان الإيقاف بطلب من هيئة مراقبة البث السمعي البصري الفرنسية بدعوى اللاسامية وتعرضها لليهود ..
وسبق لهذه الهيئة إيقاف قناة المنار (الشيعية) لنفس الأسباب عندما كانت تبث على قمر أوروبي (مازالت تبث على النيل سات!!)
القناة عاودت البث باسم جديد "نسائم الرحمة" حتى تعرضت - مع أخواتها - للإغلاق للمرة الثانية ..
من المهم استحضار وثيقة البث الفضائي العربية, والتي أقرها وزراء الإعلام قبل سنتين وتضمنت بعض البنود الإيجابية, والكثير من البنود السلبية, وتحفظت عليها قطر ولبنان:
من البنود الإيجابية: عدم التأثير سلباً على السلم الاجتماعي, والوحدة الوطنية, والنظام العام, والآداب العامة، والامتناع عن التحريض على الكراهية, أو التمييز القائم على أساس الأصل العرقي, أو اللون, أو الجنس, أو الدين، وحماية الأطفال والناشئة في كل ما يمكن أن يمس بنموهم البدني والذهني والأخلاقي, أو يحرضهم على فساد الأخلاق، والامتناع عن بث كل ما يسيء إلى الذات الإلهية, والأديان السماوية, والرسل, والمذاهب, والرموز الدينية الخاصة بكل فئة ... وهي بنود ممتازة لكن يعيبها عدم التطبيق على الواقع.
من البنود الأخرى: الامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب ... الالتزام بالموضوعية والأمانة, واحترام كرامة الدول والشعوب وسيادتها الوطنية, وعدم تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية بالتجريح .... وهي عبارات مطاطة يسهل تطبيقها على القنوات التي لا تعجب الجهة المنظمة للبث لأنها هي التي تمتلك حق التفسير ..
الوثيقة أعطت الجهات المنظمة للبث (وزارات الإعلام، مدن الإنتاج، شركات الأقمار الصناعية) الأدوات اللازمة للضبط وإيقاع العقاب.
من المهم استحضار التطورات السياسية في المنطقة والتي - لا شك - أثرت على موضوع القنوات الإسلامية
هناك تقارب مصري إيراني عراقي .. بمعنى آخر هناك مصالح متبادلة تتطلب من الجهتين السنية والشيعية مراعاة مصالح الطرف الآخر ..
هذه المراعاة والمجاملة (المبنية على المصالح وليس المبادئ, حيث أن لمصر موقف صريح وواضح من نشر التشيع في مصر, وجهوده على الأراضي المصرية) .. تطلبت أمرين:
الأول: السماح لعدد كبير من القنوات الشيعية العراقية والكويتية (أكثر من ٢٠ قناة) , وأيضاً تتبع القنوات السلفية التي تحاور - وليست تهاجم الفكر الشيعي- وبطريقة لطيفة محببة (قناة صفا على سبيل المثال)
البعد الثاني في القضية: هو الأثر الملموس للقنوات الإسلامية (بالذات السلفية) على الجمهور المصري وما أثمره من حركة تدين واسعة، لا شك أنها تزعج الفئات العلمانية سواء التي في السلطة, أو المسيطرة على الإعلام حتى لو كان تدين هذه الفئات مسالم ولا يحمل أي توجه عنف أو مواجهة.
لا ننسى أهل الشهوات من أصحاب الأفلام المسمومة, والذين مافتئوا يستفزون المسئولين, ويحرضون على القنوات الإسلامية بدعاوى باطلة كيدية, مستغلين حضورهم الإعلامي القوي ومواقع النفوذ التي يمتلكونها هنا وهناك