[الأزهر بين التطوير والتطويع]
موقع الدرر السنية - قسم دراسات الواقع
يُعدُّ الأزهر بمصر، من أعرق المؤسسات الدينية التي يتوارد إليها الطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي، والتي استطاعت على مر السنين أن تحمي العلوم الإسلامية والعربية، وتقود الناس لما فيه مصالحهم وتقف أمام أعداء الإسلام سواء من الداخل أو الخارج عن طريق علمائها ودعاتها ولذلك بدأت الجهود تتضافر لضرب الأزهر وإفقاده مكانته وقوته.
وذلك بدءاً من الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت والتي غزت مصر وحاولت استمالة علماء الأزهر لإعطائها مشروعية الإقامة وفرض القوانين الاستعمارية، ومروراً بمحمد علي أول من وجه ضربة للأزهر بالقضاء على كبار علمائه، الذين كانوا يمثلون الزعامات الشعبية فتخلص منهم، بالقتل أو السجن أو بالنفي أو الإبعاد، ثم الاحتلال البريطاني وأعوانه من دعاة التغريب الذين حالوا بين علمائه وبين القيادة ومناصب الحكم مشيعين بين الناس أنهم يهدفون إلى تكريم الدين وعلمائه، وكانت البداية الفعلية المنظمة لإسقاط الأزهر كمؤسسة شرعية سنة ١٣٤٣هـ/١٩٢٤م عندما قامت في الأزهر حركة تدعو إلى إصلاحه، ومن بعدها جاء طه حسين، ولطفي السيد، ومن على شاكلتهما وطالبوا أن تزال هذه الصخرة العنيفة التي تعترض الجسر الثقافي العالمي العريض.
ومن ثَمّ صدرت قوانين تطويع الأزهر باسم تطويره تباعاً من عام ١٩٣٦م ١٣٥٥هـ إلى وقتنا الحاضر.
وكان من ثمار هذا التطويع:
إلغاء القضاء الشرعي جملة وإدماج محاكمه في دوائر تابعة للمحاكم الأهلية التي قامت على القانون الوضعي وكان ذلك عام ١٩٥٥م - ١٣٧٥هـ، ثم إدخال القانون الوضعي في صلب البرامج الدراسية لكلية الشريعة بجامعة الأزهر وتسميتها كلية الشريعة والقانون بموجب القانون المعروف بقانون تطوير الأزهر.
ثم إصدار الفتاوى والآراء في الكثير من المسائل بما يخالف ما عليه علماء الأمة سلفها وخلفها مما أدى إلى انعدام الثقة بعلماء تلك المؤسسة العريقة ومن هذه المسائل: ارتداء النقاب، أموال البنوك، حجاب المرأة، الاختلاط، الختان، التطبيع مع اليهود على حساب الشعوب الإسلامية بكافة أشكاله.
ومن الأسباب التي أدت إلى تطويع تلك المؤسسة:
- عدم استقلال الأزهر مالياً وحل الأوقاف الأهلية عام ١٩٥٧م، مما أضعفه وجعله مرتبطاً بالحكومة.
- عدم استقلال الأزهر علمياً وتدخل الدولة في تعيين شيخ الأزهر، وذلك بموجب قانون تطوير الأزهر عام ١٩٦١م والذي بموجبه يحق لرئيس الدولة تعيين شيخ الأزهر، وكان وقتها تابعاً لوزير شئون الأزهر، وفي عام ١٩٧٥م تم استصدار قانون جعل شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشؤون الدينية وأصبح شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء - مالياً - غير أنه يتبع رئيس الوزراء إدارياً وكان وقتها شيخ الأزهر هو الشيخ عبد الحليم محمود.
- استصدار الدولة المادة رقم ٢٠١ من قانون العقوبات والتي تحرم على خطباء المساجد نقد القرارات الإدارية والقوانين المستقرة, في حين أن هذا الحق كان مضموناً لكل صحفي وكاتب ومحرَّمٌ على خطيب المسجد.
- الروح الانهزامية التي سادت مؤسسة الأزهر وعدم التهيؤ للقيام بدور الريادة للعالم الإسلامي خاصة في ظل الظروف السيئة التي يمر بها المسلمون في جميع أنحاء العالم.
مراحل تطويع الأزهر: