للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاختلاط بين الجنسين وظاهرتي السعار والشذوذ]

إبراهيم بن عبد الله الأزرق

١١ جمادى الآخرة ١٤٣١هـ

إذا قال بعضهم إن وضع إناء البنزين مفتح الجنبات مشقق الغطاء بقرب النار ليس سبباً طبيعياً للاشتعال، لاتهم الناس عقله أو رموه بالجهل الفاضح والمكابرة والإنكار لبعض مقتضيات الطبيعة، ومع ذلك يصر بعض منتسبي الثقافة والعقل! على أن خلط النساء بالرجال لا يقتضي إشاعة الفاحشة ولا استعار الشهوات! مع أن الميل بين الجنسين طبيعة أودعها الله سائر الثقلين وأنواع الحيوانات، وجعلها من القوة بمكان يناط به بقاء الأجناس الحيوانية والبشرية على ظهر البسيطة.

إن إنكار أثر الخلطة على تأجيج الشهوات جهل ومكابرة وجحد لطبائع النفوس! تدعو المنصفين لازدراء قول ذلك الجاحد المكابر للمعلوم بالحس!

لكن أقبح من هؤلاء الجهلة جهلة آخرون يزعمون أن الفصل بين الجنسين سبب لتأجيج الشهوات، والانحراف نحو الشذوذ، وربما تجرأ بعضهم فرما من استجاب لنداء الفطرة والعقل وطالب بالفصل بين الجنسين بسوء النية والقصد، وفساد الخواطر والقلب، وكل ذلك ضرب من الإرهاب الفكري المقيت، يُحصر فيه الناس بين خيارين؛ إما الاختلاط ولقائل أن يقول: الزنا، وإما الشذوذ، سبحان الله! ألا يرى هؤلاء إلاّ الجنسَ المحرم، مَثَلُهم كمثل من يقول: إما أن يأكل الناس مما لم يذكر اسم الله عليه، أو يأكلون لحم الخنزير. عجباً! وأين ذهب الحلال الطيب؟

ولك أن تعجب أيضاً من ذلك الشرف، وتلك العفة، التي يزعم امتلاكها من يبيح الاختلاط، ويتهم من ينادي بالفصل بسوء القصد! وأتساءل هل حقاً بلغت السذاجة بأناس مبلغاً يدفعهم لتصديق هذا الدّعي؟!

ثم هل يعلم القائلون بهذه الدعوى السمجة أن بالولايات المتحدة وحدها نحواً من خمسين مليون شاذ (١)!

وهل يعلم هؤلاء الأدعياء مَن الذين يحمون شذاذ الآفاق، مِنْ الذين انتكست فطرهم في الدول العربية والمسلمة؟ هل رأيتم شعباً مسلماً خرج في مظاهرة لحماية حقوق منتكسي الفطر والميول من أهل الشذوذ؟ اللهم لا؛ ولكنّا رأينا احتجاجات بمباني الأمم المتحدة في جنيف، وخارج المكتب الثقافي التابع للسفارة المصرية بواشنطن. وسمعنا بانتقدات جماعات حقوق الإنسان الدولية، لحادث قبض على بعض الشذاذ في أرض الكنانة أسفر عن إدانتهم ومحاكمتهم (٢)!


(١) مأخوذ عن مقال لمروي مشالي، في الأهرام العربي وقد يُظن أن هذه النسبة مبالغ فيها، ولكن الدراسات تفيد أن نسبة ١٠% من مجموع السكان شذاذ [عن مركز أبحاث الحرم الجامعي للشذوذ بجامعة يوتا بولاية سالت لاك الأمريكية]، بالإضافة إلى ٨% عندهم شذوذ "مزدوجي الجنس"، وهذه النسبة تعادل (١٨%) من مجموع السكان، ووفقاً لتعداد عام ٢٠٠٣م، فإن عدد هؤلاء يصل إلى ما يربو على الثنتين وخمسين مليونا. ومع ذلك فهؤلاء قلة إذا ما قورنوا بإحصاءات أخرى أشارت إلى عدد الذين مروا بتجارب مقيتة حيناً من الدهر. ولعل من الحكمة الإعراض عن الإحالة على بعض منظمات الشذاذ والتي ربما اعتنت بتكثير إحصائياتهم، وأكتفي بالإحالة على موقع مركز جامعة يوتا، وقد كان رابطه حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر:
http://www.sa.utah.edu/lgbt.
وكذلك راجع موقعة جامعة دايتن الكاثوليكية على الرابط:
http://ministry.udayton.edu/diverse/bglad_group.htm.
والتقرير التمهيدي لبرامج التجمع الوطني لمكافحة العنف National Coalition of Anti-Violence Programs.
(٢) وقد نشرت قناة الجزيرة الإخبارية الخبر بتاريخ ٢٩/ ٨/٢٠٠١، محاكمة ٥٢ بتهمة الشذوذ، وخصصت الأهرام العربي "حياة الناس" لهذا الحدث، في عددها ٢٣١،السبت ٢٥/ ٨/٢٠٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>