[تصحيح أحاديث المستدرك بين الحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي]
عنوان الكتاب ... تصحيح أحاديث المستدرك بين الحاكم النيسابوري والحافظ الذهبي
اسم المؤلف ... عزيز رشيد محمد الدايني
المحقق ... بشار عواد معروف
الناشر ... دار الكتب العلمية - بيروت
سنة الطبع ... ط١/ ١٤٢٧هـ
نوع الكتاب ... رسالة جامعية تقدم بها الباحث في الجامعة الإسلامية في بغداد، لنيل درجة الماجستير، بإشرف الدكتور حارث سليمان الضاري أولاً، ثم الدكتور بشار عواد معروف ثانياً، وقد نوقشت وحصلت على درجة امتياز، ثم طبعت في كتاب من (٢٥٦) صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
التعريف بموضوع الكتاب:
ليس خافٍ على أحد ما بذله العلماء والمحدثون في نقلهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مجتهدين في خدمة السنة النبوية، بين تدوين وتصحيح وتصنيف وإسناد، وغير ذلك، ومن هؤلاء مَنْ عُني بجمع ما صَحَّ عنده كالبخاري ومسلم، وقد كان لهذين الكتابين من قبول في الأمة ما لم يكن لغيرها، لِما عرف من دقة مصنفيهما وشرطهما في كتابيهما، فقام الكثير من العلماء بَعدهم بالاهتمام بصحيحيهما، وكان من أشكال ذلك الاهتمام هو الاستدراك، ومن هؤلاء الحاكم النيسابوري أبو عبدالله (ت ٤٠٥هـ)، الذي وضع كتابه المستدرك على الصحيحين وأورد فيه ما رآه موافقاً على شروطهما ولم يذكراه في كتابيهما، وسار كتابه هذا بين الناس، ولكن لما كان من خِلْقَةِ البشر الخطأ، وجد العلماء أن الحاكم أخطأ في استدراكه هذا أشياء، ومنهم من لخصه وعلق عليه كالذهبي، وهو أشهر مَنْ خدم الكتاب، ولكن هناك مسألة أراد الباحث هنا في رسالته هذه كشفها وتبيين حقيقتها، وخاصة أن هناك كثيراً من العلماء يعتبرون سكوت الذهبي في تلخيصه للمستدرك، موافقة له على حكم الحاكم، مع أن الحديث لا يخفى ضعفه أو وهاؤه على مثل الذهبي، ولذا شمر المؤلف ساعد الجد، وجعلها رسالته الجامعية هذه، التي سيتبين لنا ما آل إليه اجتهاده، فلنبدأ بعون الله.
ككل الرسائل الجامعية التي تهتم بشخصيات معينة لابد للباحث من التعريف بتلك الشخصيات، فترجم المؤلف للحكام النيسابوري ترجمة موجزة، ثم ذكر منزلة كتابه المستدرك الذي بلغت عدد أحاديثه مع المكرر (٩٥٨٨) حديثاً، وخرج المؤلف بأن الحاكم متساهل في التصحيح ومتساهل في اعتبار شرطي البخاري ومسلم، وأن أحكامه لا يعول عليها إلا بعد التمحيص.
ثم انتقل المؤلف ليترجم لنا الإمام الذهبي ترجمة مبسطة أيضاً، ثم انتقل بنا ليعرفنا بمنهج الذهبي في مختصراته عموماً، فالذهبي اختصر كثيراً من الكتب، ولكن اختصاراته لم تقف عند النقل المجرد بل كان يُضْفِي عليها اجتهاداته العلمية وانتقاداته المفيدة.
أما عن بيان منهج الذهبي في تلخيص المستدرك فكان له حظ أكبر، بإفراده في فصل خاص تحته خمسة مباحث تبين منهجه ذاك وهي:
١. الإتيان بمتون الأحاديث وحذف بعض أسانيدها
٢. نقل بعض ألفاظ الحاكم النقدية بنصها وحذف ألفاظ أخرى
٣. موقفه من اختصار المتون
٤. موقفه من اختصار عبارات الحاكم
٥. الإضافات والتعقبات
وقد أتى المؤلف في كل مبحث منها بالأمثلة المُدَلِّلَة على كلامه، وقد أحصى الباحث الأحاديث التي تكلم عليها الذهبي في تلخيصه للمستدرك، جرحاً وتعديلاً وتصحيحاً وتضعيفاً وتعليلاً فكانت (١٢٢٤) حديثاً تقريباً، وهو قليل مقارنة مع عدد أحاديث المستدرك كلها، وسبب هذا كما ذكر المؤلف أن الذهبي لم يكن منهجه في هذا التلخيص الكلام على كل حديث على الاستقصاء والدوام.
وأما تعقبات الذهبي في التلخيص فقسمها المؤلف إلى:
١. كلامه على بعض الرواة جرحاً أو تعديلاً
٢. كلامه على تقوية بعض أحاديث المستدرك
٣. كلامه في بيان بعض علل الأحاديث الظاهرة والخفية
٤. كلامه على الشروط
٥. عيبه على الحاكم استدراكه على الشيخين أحاديث قد أخرجاها أو أحدهما
وكل ذلك أيضا بالأمثلة الموضحة.
ثم جاء دور الباب الثاني وهو عمود البحث (تصحيح أحاديث المستدرك بين الحاكم والذهبي)
مهد الباحث لفصول هذا الباب بأنْ بيَّن مجدداً أن مصطلح موافقة الذهبي للحاكم هو اصطلاح متأخر حيث ذكر الباحث أنه لم يجد قبل ملا علي القاري (ت ١٠١٤هـ) من استعمل هذا المصطلح، سوى نقل وحيد في نصب الراية للزيلعي (ت ٧٦١هـ) وشكك الباحث أن يكون من النساخ لا من الزيلعي نفسه.
أما الفصل الأول من هذا الباب فكان في: ما صححه الحاكم على شرط الشيخين ورقم عليه الذهبي في التلخيص (خ م) مع أن فيهما من لم يخرجا له أو أحدهما وكما بين الذهبي نفسه ذلك في كتبه الأخرى.
والفصل الثاني في: ما صححه الحاكم على شرط البخاري ورقم عليه الذهبي في التلخيص (خ) أو قال (على شرط البخاري) مع أن في أسانيدها من لم يحتج بهم البخاري وكما بين ذلك الذهبي نفسه في كتبه الأخرى.
والفصل الثالث في: ما صححه الحاكم على شرط مسلم ورقم عليه الذهبي في التلخيص (م) أو قال (على شرط مسلم أو م) مع في أسانيدها من لم يحتج به الإمام مسلم وكما بين ذلك الذهبي نفسه في الكاشف.
والفصل الرابع في: ما صححه الحاكم في المستدرك وقال الذهبي في التلخيص (صحيح) مع أن الذهبي نفسه قد حكم على قسم منها في كتبه الأخرى بالضعف أو النكارة أو جرح رواتها بأنواع الجرح المختلفة كالكذب أو الترك أو الضعف ... الخ.
وقد أتى الباحث مجتهدا بنماذج واضحة مشروحة دالة على مقصود كل فصل من هذه الفصول، ليثبت لنا ما يريده في كل فصل، مع وضعه في نهاية كل فصل لجدول يضم نماذج إضافية غير النماذج المشروحة.
وبهذا الجهد الكبير، ينتهي الكتاب الذي ختمه مؤلفه بخاتمة لخص فيها أهم نتائج رسالته هذه في ست نقاط.
والباحث - جزاه الله خيراً- بذل جهدا مشكوراً في هذه الرسالة القيمة، مثبتاً بالأدلة والأمثلة خطأ اعتقاد سكوت الذهبي في التلخيص إقراراً لحكم الحاكم في المستدرك، وهو أمر يعرف قيمته المهتمون بعلم الحديث والمصطلح.
وليس أمامنا بعد هذا التعريف إلا أن نقول: إن رسالته هذه لتعتبر ذخيرة علمية في بابها، لها وزنها وقيمتها في الدفاع عن الذهبي، وتصحيح خطأ حديثي شائع، فجزاه الله خيراً.