للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التعامل مع المبتدعة في مقام الدعوة]

(١/ ٤)

مؤسسة الدرر السنية - القسم العلمي

٢٨ ربيع الثاني ١٤٣٢هـ

مقدمة

أقسام البدع

خطر البدع

حكم التعامل مع المبتدع

هجر المبتدع

أنواع الهجر

صفات الهجر

ضوابط الهجر

أصل التعامل مع المبتدع

ضوابط دعوة المبتدع

ضوابط مناظرة المبتدع

تنبيهات عند دعوة المبتدع

مقدمة:

دعوة أهل البدع إلى الحق وظيفة العلماء، لا يجوز التساهل فيها، أو التقصير في أدائها، إذ بها تتم حماية الدين وتنقيته من شائبة الباطل.

وعلى من تصدى لدعوة أهل البدع أن يعرف: ما هي الأصول والضوابط التي ينبغي التزامها؟ وما هي المحاذير والمزالق التي ينبغي تجنبها؟

وقبل البدء في الموضوع، نعرج بشيء من الإيجاز على تعريف المبتدع، والبدعة، وذكر أنواعها، وخطرها، ثم ذكر حكم المبتدع، وما هو الأصل في التعامل معه؟

البدعة: هي طريقة في الدِّين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه؛ وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة، وإنما يخصها بالعبادات. [((الاعتصام)) (١/ ٢١).] وهي ليست على درجة واحدة من الشر، بل هي متفاوتة.

ويصنف العلماء البدعة من عدة زوايا، فمن حيث مجالها، تنقسم إلى:

- بدعة اعتقادية: وهي اعتقاد الشيء على خلاف ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم، كبدعة الخوارج في اعتقادهم تكفير العصاة من المسلمين؛ وكالمجسمة والمشبهة الذين شبهوا الله بخلقه -تعالى الله علواً كبيراً.

- وبدعة عملية: وهي التي تكون في المسائل الفقهية القطعية أو الظنية، كالتي تكون في العمل الظاهر، كصلاة تخالف ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من الأعمال. وكلها داخلة تحت قوله -صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). [أخرجه مسلم في كتاب الأقضية.]

- وبدعية قولية: وهي ما كان فيه تغيير لما جاء في كتاب الله عز وجل، ولما ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأقوال المبتدعة من الفرق المشهورة، مما هو ظاهر المخالفة للكتاب والسنة، وظاهر الفساد والقبح، كأقوال الرافضة والخوارج والجهمية والمعتزلة والأشعرية؛ وجميع الفرق المؤولة، التي وضعت لنفسها مناهج مخالفة لمنهج الطائفة الناجية المنصورة، الظاهرة على الحق إلى قيام الساعة.

ومنهم من قسمها إلى نوعين: نوع في الأقوال والاعتقادات، ونوع في الأفعال والعبادات، والثاني يتضمن الأول، كما أن الأول يدعو إلى الثاني.

وتُقسم البدعة بحسب ما يؤول إليها صاحبها إلى: بدعة مكفرة، وبدعة غير مكفرة.

وربما تخلف الحكم على المعين بالبدعة رغم قيامه بها إذا توفر مانع أو انتفى شرط؛ فالحكم على العمل أو القول لا يلزم منه تبديع المعين القائل أو العامل به إلا إذا أقيمت عليه الحجة وتوفرت الشروط وانتفت الموانع.

خطر البدع:

البدعة أشد من المعصية، ويرجع ضررها إلى وجوه:

الأول: أن البدع مفسدة للقلوب، مزاحمة للسُّنة في إصلاح النفوس، فهي أشبه ما تكون بالطعام الخبيث، وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (الشرائع أغذية القلوب، فمتى اغتذت القلوب بالبدع لم يبق فيها فضل للسنن، فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث). [اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٨١).]

فهي تلبس لباس الدِّين، فيظن المنتسب لها أنها حق وأنه مأجور عليها، وبذلك فإنه يعقد عليها الكره والحب والولاء والبراء والثواب والعقاب، فتزاحم السنن، تقود أصحابها إلى الاعتقادات الباطلة، والأعمال الفاسدة، والخروج عن الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>