[مفهوم الشرعية الدولية وموقف الإسلام منه]
عبد العزيز الجليل
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن من أخطر ما يعانيه المسلمون اليوم ما يقوم به أعداؤهم من الكافرين والمنافقين من التلبيس والتضليل حتى أصبح ذلك سمة من السمات البارزة في واقعنا المعاصر.
وقد بلغت خطورة هذا الأمر أن انخدع به بعض المنتسبين للعلم فضلاً عن العامة والدهماء، وذلك بما يقوم به الملبسون الماكرون من تلاعب بالمصطلحات وقلب للحقائق وعرضها في قوالب مزخرفة وطرحها في وسائل الإعلام المختلفة بكثافة وتكرار حتى ألفتها الأسماع وصار يرددها كثير من أبناء المسلمين عن خبث من بعضهم أحياناً وعن جهل وتغفيل من البعض الآخر.
ومما زاد الأمر خطورة غفلة كثير من أهل العلم عن التصدي لهذه التلبيسات التي يمس كثير منها صلب العقيدة وأركان التوحيد وهوية الأمة وأخلاقها وإن لم يقم أهل العلم بواجبهم في رفع هذا التلبيس وبيان سبيل المجرمين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
ومن المصطلحات الكفرية الخطيرة والتي تعمل أجهزة الإعلام الدولية ويتبعها على ذلك كثير من إعلام البلدان الإسلامية ممن لا خلاق لهم والتي يجب على أهل العلم فضحها وتعريتها وتبيين خطرها على العقيدة مصطلح (الشرعية الدولية) حيث يطرح اليوم بكثافة وينادى بترسيخ هذا المصطلح الوثني في أذهان الناس وذلك بمناداتهم، تارة (باحترام الشرعية الدولية) وتارة (بتحريم الخروج على الشرعية الدولية) ومرة ثالثة (بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية).
فماذا يعني هذا المصطلح الطاغوتي؟:
إن (الشرعية الدولية) ترمي إلى الاحتكام والالتزام بشرع وضعي وضعته الدول الكبرى الكافرة يحكم علاقات الدول في هذا العالم وفقاً لتشريعاتهم ومعاييرهم وأعرافهم ومصالحهم، وهذا الشرع الوضعي هو تلك القوانين التي وضعتها الدول الكافرة التي أسست منظمة الأمم المتحدة بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية - أمريكا وبريطانيا وروسيا - وانضم إليهم بعد ذلك فرنسا والصين وصاغت قوانينها لمصالحها ومصالح حلفائها في تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ فوضعت ما سمته بميثاق الأمم المتحدة لتكون له المرجعية الأولى في كل قضية من قضايا العالم حيث تستمد (الشرعية الدولية) منه الأحكام والقرارات وتستند إليه في الخلافات والنزاعات والإجراءات. وأصبح العدو يستخدم هذا المصطلح في تمرير أي شيء يريده على دول العالم ولاسيما دول المنطقة الإسلامية، فتحتل بلدان المسلمين وتغزوها باسم (الشرعية الدولية)،وتؤيد هذا التيار أو ذاك باسم (الشرعية الدولية) وتحارب الدعاة والمجاهدين باسم (الشرعية الدولية) ومن خرج عن ذلك فهو خارج عن الشرعية الدولية!!
ومن أكبر الأمثلة على ذلك تكريس الاحتلال اليهودي في فلسطين باسم الشرعية الدولية، ومحاصرة العراق وغزة حتى مات ما يقارب المليون طفل باسم الشرعية الدولية، ومن آخرها مذكرة المحكمة الدولية باعتقال الرئيس السوداني ومحاكمته بوصفه مجرم حرب، أما الذين أحرقوا غزة والعراق فدعاة سلام وديمقراطية.
الحكم على هذا المصطلح الطاغوتي في ضوء العقيدة الإسلامية:
إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. ولذا قبل أن نبين حكم الله عز وجل في هذا المصطلح يجب أن نتعرف على أهم ما يقوم عليه وهو ما أشير إليه سابقاً في أنه يستند إلى ميثاق هيئة الأمم المتحدة وقوانينها التي أذعنت لها كل دول العالم بما في ذلك دول المنطقة الإسلامية.
فما هي أهم بنود هذا الميثاق الذي يتحاكم إليه دول العالم ويسمى بالشرعية الدولية؟: