[الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد الشام]
عنوان الكتاب ... الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد الشام
اسم المؤلف ... محمد عبدالرزاق أسود
المحقق ... بدون
الناشر ... دار الكلم الطيب - دمشق
سنة الطبع ... ط١/ ١٤٢٩هـ
نوع الكتاب ... نوع الكتاب: رسالة علمية لنيل شهادة الدكتوراة من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة قسم الشريعة الإسلامية، بإشراف الدكتور محمد نبيل غنايم، وقد نوقشت الرسالة في سنة ١٤٢٦هـ، وطبعت سنة ١٤٢٩هـ في ٦٨٨ صفحة
التعريف بمو ضوع الكتاب:
يعتبر هذا السفر إضافة ثمينة للمكتبة الإسلامية في مجال الدفاع عن السنة وعلومها، فقد بذل المؤلف في رسالته هذه جهدا كبيراً مشكوراً، لا يخفى على كل من اطلع على الكتاب، فقد جاءت رسالته لتتناول ما يتعلق بدراسة السنة النبوية وعلومها في نحو قرن من الزمان، ممتد من عام ١٣٢٥هـ إلى عام ١٤٢٥هـ، ولا يخفى أن هذه الفترة الزمنية شهدت ثورة كبيرة في علوم السنة وظهور الكثير من المهتمين بها سواء في مجال الرواية أو مجال الدراية، وحتى في مجال التشكيك، وظهور الكثير من المؤلفات تحقيقاً وتصنيفاً، فكان اختيار الباحث لهذه الفترة اختياراً موفقاً، كشف لنا فيه عن تلك الاتجاهات التي انتشرت في هذا القرن.
فبعد أن بدأ رسالته بعرض آراء العلماء حول تقسيم الاتجاهات في دراسة السنة النبوية رجح المؤلف تقسيمها إلى أربعة اتجاهات وهي:
الأول: اتجاه جمهور علماء الحديث في دراسة السنة النبوية
الثاني: الاتجاه السلفي ودراسته للسنة النبوية
الثالث: الاتجاه العقلي ودراسته للسنة النبوية
الرابع: الاتجاه المنحرف ودراسته للسنة النبوية
بعد ذلك أخذ في الكلام عن كل اتجاه في باب مستقل، بتقسيم جيد لفصوله وأبوابه، محررا لكثير من الجزئيات المتعلقة بكل اتجاه.
ففي الباب الأول بدأ بالتعريف باتجاه جمهور علماء الحديث، معرفا في البداية علم الرواية والدراية وأقسام دراسات علم الدراية من دراسات لتاريخ الحديث وتدوينه وغير ذلك، بل إنه لم يغفل ذكر الدراسات الخاصة بجهود المرأة في الحديث، ثم تكلم عن المعاجم والموسوعات والفهارس المتصلة بالعلوم الحديثية والدراسات عنها، ثم أفرد مطلباً لدراسات أصول الحديث ومصطلحه، أتبعه ببيان دراسات مناهج علماء الحديث وجهودهم فيه، سواءً ما كان متعلقاً بمحدث واحد أو منهج محدث في كتاب معين أو في أكثر من كتاب وهو مع كل هذا ينتقي نماذج من تلك الدراسات التي ألفت في هذا القرن، دون أن يذكرها كلها، وذكر أيضا بعض المؤلفات المتعلقة بدراسات مختلف الحديث ومشكله، ثم الدراسات المتعلقة بالجرح والتعديل وعلم الرجال، ثم المتعلقة بالمنهج النقدي عند المحدثين، وبعدها المتعلقة بعلم تخريج الحديث، ثم انتقل إلى الدراسات المتعلقة بعلم رواية الحديث من ناحية الرواة ومن ناحية المرويات، وكذلك الموسوعات والفهارس والأطالس المتصلة بالموضوع، متبعا له بمطلب في الدراسات المتصلة بحجية السنة والدفاع عنها وعن الصحابة، كما ذكر المؤلف في هذا الاتجاه الدراسات الفقهية المتصلة بالسنة والمتصلة بالصحابة والتابعين ومن بعدهم، وغيرها من الدراسات الفقهية المتعلقة بالحديث، وحتى الدراسات المتعلقة بالمباحث الأصولية واللغوية والأدبية في الحديث وعلومه.
وبعد كل هذا الكم الكبير من المؤلفات، انتقل الكاتب إلى ذكر المؤتمرات والندوات المختصة بدراسة السنة النبوية وبين أنها بلغت منذ نهاية القرن الرابع عشر الهجري (٣٨) مؤتمراً وندوة في السنة والسيرة النبوية، ذكرها جميعها مرتبة حسب تاريخ انعقادها،
ومن المفيد أن نذكر هنا أن الباحث ذكر بعض المآخذ على هذه المؤتمرات والندوات، غير متغاض عن ميزاتها، ثم شرع في ذكر أهم تلك البحوث الناتجة عن تلك المؤتمرات والندوات، مقسما لها حسب اتجاهها بما يشبه ما ذكرناه سابقا في اتجاه جمهور علماء الحديث، ولكنه هنا أفرد الأبحاث المتعلقة بالسيرة النبوية لكثرتها،
وبعدها انتقل إلى فصل جديد أفرده للأبحاث المحكمة المختصة بدراسة السنة النبوية، ذاكراً ميزاتها والمآخذ عليها، ومما يمتاز به هذا الفصل هو ذكره للأبحاث المختصة بالدفاع عن السنة والسيرة رداً على المستشرقين وحملاتهم التشكيكية مثل شبههم في نقد المتون أو كلامهم على الرواة أو على الكتب الحديثية، أو الطعن في الصحابة،
وأما الفصل الرابع من هذا الباب، فهو من الفصول المميزة حيث جعله لدراسات الإعجاز العلمي في السنة النبوية، ولدراسات الهدي النبوي في الطب وهما موضوعان طالما كان لهما وزنهما في هذا العصر الذي تباهى فيه الغرب بعلومهم وتقنياتهم، فأتت هذه البحوث لتثبت لهم أن كثيراً مما يكتشفونه الآن مثبت عندنا منذ قرون،
وتكلم أيضا المؤلف عن جهود المؤسسات العلمية المختصة بالإعجاز العلمي في السنة النبوية، كالهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وجمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، فمن أراد الوقوف على المؤلفات والبحوث المتعلقة بموضوع الإعجاز وبموضوع الطب النبوي فعليه مراجعة هذا الفصل فإنه مكنوز بها.
وبما أن الحديث كان عن الإعجاز والعلم، فكان من المناسب ذكر جهود المؤسسات العلمية ونتاج الحاسب الآلي ومواقع الشبكة الدولية للمعلومات، المختصة بالسنة النبوية، فلا غرو أن يكون لها نصيب من هذه الرسالة، فالتقنية الحديثة وخاصة الحاسب الآلي، مع ما انضاف إليه من برامج علمية، ثم الشبكة العالمية، فلا يجهل طالب علم ما تزخر به تلك الشبكة من مواقع تهتم بالسنة، وإذ الأمر كذلك فقد قام كاتبنا بالكلام عليها في فصل خاص بين فيه هذه الجهود وثمَّنها، فذكر نتاج تلك المؤسسات وبحوثها وبرامجها المتنوعة،
وقد أفرد الكاتب مطلبا في الملاحظات والمآخذ على نتاج الحاسب الآلي المختصة بالسنة، ثم تحدث في فصل مستقل عن (أبرز مواقع الشبكة الدولية للمعلومات المختصة بالسنة) وكان منها موقع الدرر السنية وخاصة الموسوعة الحديثية،
وإلى هنا انتهى كاتبنا من الاتجاه الأول، ودخل في التعريف بالاتجاه الثاني (الاتجاه السلفي ودراسته للسنة النبوية) وقد آثر المؤلف أن تكون دراسته لهذا الاتجاه بدراسة نموذج واحد لهذا الاتجاه فاختار الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله، فهو أبرز من ظهر في القرن الذي يدرسه كاتبنا، وليس هذا فحسب بل إن جهوده الكبيرة ومؤلفاته وتخريجاته تؤهله فعلا أن يكون نموذجاً لهذا الاتجاه، وقد ذكر الكاتب هذه الأسباب التي دعته لاتخاذ الشيخ نموذجاً ووصفه بـ (محيي علم السنة في بلاد الشام)
ثم بدأ الكاتب بالتعريف بالاتجاه السلفي والمبادئ التي يقوم عليها وأبرز أعلامها والمتأثرين بهذا الاتجاه، ثم بين جهود الشيخ الألباني رحمه الله في السنة النبوية من خلال كتبه المطبوعة سواء التي ألفها الشيخ أو التي قام بتحقيقها أو أشرطته السمعية التي تم تفريغها وطبعت في كتب مستقلة، وأيضا من خلال كتب الشيخ المخطوطة تأليفا وتحقيقا، ثم بعد ذلك تكلم عن منهج الشيخ في كتبه ومقالاته، ووضع فصلاً في مناقشة العلماء لجهود الشيخ الألباني في السنة.
وبعد هذا الفصل كان دور التعريف بالاتجاه العقلي ودراسته للسنة النبوية والتعريف بمبادئه وتأصيلاته، وأبرز أعلامه المعاصرين والمتأثرين بهذا الاتجاه، ثم ناقش أدلتهم في حجية خبر الآحاد وجعل مبحثاً كاملاً في أدلة العلماء في حجية خبر الآحاد والرد على أدلة الاتجاه العقلي، أما الفصل التالي فقد جعله في آراء أصحاب الاتجاه العقلي في الأحاديث النبوية والرد عليها، فذكر كلامهم في مسألة الشفاعة كنموذج لأحاديث العقيدة، ورأيهم في مسألة سحر النبي صلى الله عليه وسلم كنموذج لأحاديث السيرة، ورأيهم في مسألة حد الردة كنموذج لأحاديث الأحكام، وهذا كله يبين طريقة هذا الاتجاه في دراسته للسنة النبوية من خلال هذه النماذج، حيث يحكِّمون عقولهم - على اختلاف بينهم فيها - في توجيه الأحاديث أو نقدها ونقد أسانيدها أحياناً.
وكان ختام الكتاب بالباب الرابع وهو للتعريف بالاتجاه المنحرف ودراسته للسنة النبوية، فكما في كل الأبواب السابقة، عرف هذا الاتجاه وجذوره ومبادءه وأبرز تياراته المعاصرة، مع ذكره لأهم مخاطر هذا الانحراف، وقد بين الكاتب جزاه الله خيراً أن جذور هذا الاتجاه كانت بداياتها من البعثات العلمية إلى أوربا ومن الغزو العسكري ومن الاستشراق كذلك، أما تياراته فهي: التغريبي والعلماني والماركسي والحداثي، كما بين مزاعم أصحاب هذا الاتجاه في عدم حجية السنة النبوية وشبهاتهم في هذا الزعم، والرد عليها بالأدلة وأقوال العلماء، وذكر أهم سماتهم وصفاتهم، ومما يميز هذا المبحث الأخير هو الرد عليهم في مزاعهم التشكيكية حول تدوين السنة النبوية وتأخر هذا التدوين وأنه من خلطهم بين مفهوم التدوين ومفهوم كتابة السنة.
ثم في الختام وضع خاتمة لخص فيها أهم نقاط الرسالة،
والكتاب في جملته فريد في بابه، واف في موضوعه، وإن كنا نود منه أن يكون له بعض الترجيحات الواضحة في بعض المسائل التي أبرز فيها أكثر من رأي أو أكثر من تعريف، ولكننا مع هذا لسنا ننقص من قدر الكتاب، ولا الكاتب جزاه الله خيرا، فقد بذل الكاتب جهدا كبيراً يشكر عليه، ويكفيك أن مراجع بحثه زادت على الـ ٥٦٠ مرجعاً.
وبعد هذا العرض المبسط للكتاب، يتبين مدى أهميته في المكتبة الإسلامية في توضيح الاتجاهات المنتشرة في دراسة السنة النبوية، وأنه أحد غنائمها، وقد تكون هذه الرسالة حافزا لطلاب الدراسات العليا لإكمال المسيرة في بيان الاتجاهات في غير مصر وبلاد الشام، كالجزيرة العربية والعراق والمغرب العربي.