لا أحد يزعم من السلفيين أنه متحدث باسمها، يدخل من شاء في السلفية ويخرج من شاء؛ وذلك لأن السلفية هي الإسلام الصافي النقي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بكافة تعاليمه بغير ابتداع ولا غلو ولا جفاء، ومن سمات المنهج السلفي ومميزاته، أنه واضح مطرد يستطيع كل متبع له، عالم بأصوله وقواعده وضوابطه، أن يعرف المنهج المخالف له، سواء في العقيدة أو المعاملة أو السلوك، أمَّا بما يتعلق بتنزيل ذلك على الأعيان، فالمنهج السلفي هو المنهج الأكثر عذراً واحتياطاً في هذه المسألة، كما هو مقرَّر في أبجدياته وأدبياته من كثير من المذاهب والاتجاهات الأخرى، فهل ترك لنا المتحامل من رباع أو دور؟!
رابعاً: قضية الممارسات الخاطئة من بعض السلفيين لمنهج السلف
هذه القضية بالذات لو تأملها المنتقد لوجدها ميزة لهذا المنهج، كيف يكون ذلك؟
أولاً: يدل هذا على أن منهج السلف واضح معروف، فإذا شذ فيه من شذ أو خالفه أحد وعُرِفَ، صار المخالف ـ ولو كان متبعاً لمنهج السلف ـ يستوجب النصح والرَّد حسب قواعد وأصول المنهج السلفي.
ثانياً: إن من الظلم والإجحاف أن يعمم خطأ الفرد على المنهج نفسه، وهذا أمر بدهي قرَّره كثيرٌ من أهل العلم والمعرفة في القديم والحديث، فليس من المقبول شرعاً أن تعمم بعض الممارسات الفردية الخاطئة على المنهج ورجاله وأتباعه، وهذا للأسف مطروح من بعض المنتقدين حتى إنهم في كل مرحلة يقفزون أعلى، فالتشنيع أولاً على خطأ فردي من شيخ، ثم إذا تبين أنه متبع لرأي لعالم معتبر مثل ابن تيمية، شنع على ابن تيمية، ثم إذا تبين أنه إجماع من السلف شنع على الإجماع وأنه غير معتبر، وهكذا في سلسلة فجَّة من التعميم والإجحاف والظلم، وما قضية الاختلاط عنا ببعيد!
خامساً: معرفة الدليل قبل الاعتقاد وإصدار الأحكام
وأحسب أن هذه القضية مهمة جداً؛ فالاعتقاد قبل الاستدلال منهج للهوى، فالسلفيون يريدون من منتقديهم ومخالفيهم أن ينظروا أولاً في الأدلة ثم يعتقدوا ويستدلوا، ووالله ما وقع من وقع في بعض الإشكالات الفكرية والأخطاء العقدية إلا بهذا السبب؛ حيث تجد أن الرأي أو الفكرة تبلورت لديه وفق تصورات معينة فبدأ يبحث لها من النصوص والأقوال والآراء ما يوافقها ثم وقع في خطأ علمي فادح، أو منهج جديد قادح! وأجدني قبل انتهاء هذه النقطة مضطراً إلى سوق كلام لأبي إسحاق الشاطبي المالكي (ت: ٧٩) في كتابه الاعتصام: (٢/ ٤٢) حيث يقول: (ولذلك سمى أهل البدع أهل الأهواء، لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها حتى يصدروا عنها بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورا فيها من وراء ذلك، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح ومن مال إلى الفلاسفة .. ). أ. هـ
أخيراً: اعتقد أن الهجوم على منهج السلف يمرُّ وفق مؤامرة كبرى لا يدرك أبعادها كثير ممن ينتقد التيار السلفي من الداخل!