للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل اتباع طاغوت الشرعية الدولية وطاعة قوانينه إلا إيماناً به وقد أمرنا أن نكفر به، قال الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً) [النساء:٦٠]. يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية (هذه الآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما سواها من الباطل وهو المراد بالطاغوت هاهنا) اهـ. ويقول ابن القيم في إعلام الموقعين: (من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد حكم الطاغوت وتحاكم إليه) اهـ. ويقول الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان:) وكل تحاكم إلى غير شرع الله فهو تحاكم إلى الطاغوت) اهـ من تفسير سورة الشورى.

إن الكفر بالطاغوت والإيمان بالله عز وجل هما ركنا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) وهو دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم على الصلاة والسلام الذي أمرنا الله عز وجل باتباعها وذلك في قوله سبحانه (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: ٤].

وبعد: فإنه والله لزمن غربة هذا الزمان الذي تغيب فيه هذه الأصول على وضوحها. لقد آن الأوان أن يترك العلماء عزلتهم التي يعيشون فيها عن واقع الأمة وما يحاك لها من التلبيس حيث أراد أعداؤها من الكفار والمنافقين أن يغيبوا أهل العلم ويقصوهم عن بيان هذه المحكمات وغيرها من القضايا والنوازل التي تنتظر الأمة قول أهل العلم فيها. فهل يعي أهل العلم دورهم والأمانة الثقيلة الملقاة على كواهلهم؟ (وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران: ١٧٨].

نسأل الله عز وجل أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يبصرنا سبيل المؤمنين ويرزقنا اتباعه وسبيل المجرمين ويلهمنا اجتنباه والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>