للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الحوار في اللغة: مراجعة الكلام وتداوله, والمحاورة: المجادلة، والتحاور: التجاوب, وهم يتحاورون أي: يتراجعون الكلام, ومنه قولهم: لم يحر جوابا أي: لم يرد ولم يرجع الجواب فمرجع الحوار للتخاطب والكلام المتبادل بين اثنين فأكثر (١) , والمعنى اللغوي العام للحوار هو مراجعة الكلام والحديث بين طرفين فإذا أضيف إلى الأديان أصبح معناه ما يدور من الكلام والحديث والجدال والمناقشة بين اتباع الأديان، وهذا يدل على أن معناه عام متعدد الأشكال والصور والأنواع بحسب نوعية الكلام والمناقشة.

أما مدلوله الاصطلاحي فهو غامض يستعمل بأكثر من صورة ويحتاج إلى بيان أنواعه والفروق بينها، وهذا ما سنبينه في المبحث الثاني بحول الله ومشيئته, وحينئذ فإن عبارة ((الحوار بين الأديان)) تشمل معنى صحيحاً ومعنى باطلاً يحتاج كل منهما إلى بيان وتوضيح, وقبل البدء ببيان المنهج الصحيح في الحوار بين الأديان, أودُّ الإشارة إلى أن "الحوار بين الأديان" - بالمنهج الصحيح - مطلبٌ ملحٌ لتوضيح الصورة الصحيحة لعقائد الإسلام وآدابه وأحكامه, وهو وسيلة من وسائل دعوة أهل الأديان عموماً, وأهل الكتاب بشكل خاص إلى الإسلام، والدعوة إلى الله تعالى موجهةٌ لكل الناس، وإقناعهم بالحق هدف شرعي مطلوب.

وقد قام بالحوار بين الأديان بمعناه الشرعي المطلوب الأنبياء الكرام في حواراتهم الكثيرة مع أقوامهم بطرق مختلفة وأساليب متعددة, والمسلمون هم أقوى الناس حجة وبياناً, لأن دينهم دين رباني موافق لعقل الإنسان ونفسه, يقول تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبيرُ} [سورة الملك: ١٤].

ولكن شعار "الحوار بين الأديان" أصبح مثقلاً بكثير من المعاني والأفكار الباطلة التي تنقدح في ذهن كل من يسمع به, ولا يصح أن ننفي المعنى الصحيح في الحوار بسبب استعمال البعض له في الباطل ولكن المنهج القويم هو ردُّ المعنى الباطل وإبراز المعنى الصحيح, خاصة إذا علمنا أنه يتعلق بأمر ضروري في دين الإسلام وهو (الدعوة إلى الله تعالى)، ولأن في ظهور المعنى الصحيح: تبيينٌ للحق وتصحيحٌ لما حصل في هذا الموضوع من الخلط والتخبط بسبب البعد عن مفهومه الشرعي الصحيح، وهذا يقتضي قيام مؤسسات إسلامية للحوار بمنهجية صحيحة وأسلوب حسن, وعقد المؤتمرات لهذا الغرض, وكتابة الدراسات العلمية والعملية المؤصلة له من الكتاب والسنة.

والحقيقة أن المؤسسات الإسلامية القائمة بالحوار -الآن- قائمة على منهج مخالف للمنهج الرباني (٢)، ولا يوجد مؤسسة قائمة بالمنهج الصحيح في الحوار (٣) تحت هذا المسمى.


(١) انظر في معنى الحوار في اللغة: مقاييس اللغة -لابن فارس٢/ ١١٧، والقاموس المحيط -للفيروز آبادي- مادة (حور)
(٢) سيأتي الإشارة إلى فكرة التقريب بين الأديان.
(٣) قام عدد من علماء الأزهر بمعارضة فكرة الحوار بين الأديان معارضة شديدة، وقد تزعم هذه المعارضة جبهة علماء الأزهر وخاصة الدكتور يحي إسماعيل الأمين العام للجبهة سابقا. انظر البيان الامارتية. الأربعاء ١ شعبان ١٤٢٢هـ ١٧ أكتوبر ٢٠٠١م.

<<  <  ج: ص:  >  >>