وقد يرى بعضنا أن الضغط على الحكومات العربية لإتاحة المجال أمام حرية التعبير وحرية إنشاء الجمعيات الأهلية والانضمام لها يشكل خطراً كبيراً، خاصة في ظل الحرب العالمية على الإرهاب. لكن ذلك أمر غاية في الأهمية؛ لأن تلك الحرية ستوجِدُ سوقاً حرة تُعرض فيها كل الأفكار، وهو الأمر الذي سيمكِّن الليبراليين من كسب الدعم الشعبي بدلاً من أن يُنظَر إليهم على أنهم قد اختيروا من الغرب ليكونوا بديلاً عن القوميين والمحافظين والراديكاليين.
نحن دائماً ندعي أننا نرغب في أن تقوم دولة عظمى بإدارة الشرق الأوسط كي تتيح المجال للمنافسة. إذاً لماذا لا نرحب بتلك المنافسة بين الأفكار المبنية على مبدأ تكافؤ الفرص للجميع؟
ثانياً: يجب أن نقلل من الشروط والصفات المطلوبة في المنظمات التي نقدم لها الدعم، فعدم تقديم الدعم لمنظمات تقوم بأعمال إرهابية يعد أمراً طبيعياً، لكن سياسة منع الدعم عن المنظمات التي لا تقدم الدعم لسياستنا تعتبر هزيمة لأنفسنا، وستؤدي بنا إلى العزلة، كما ستضعف من مصداقية كل من نرغب في العمل معه.
ثالثاً وأخيراً: يجب استحداث أنشطة جديدة لا تحمل ختم الإدارة الأمريكية؛ هذه الأنشطة الجديدة يمكن أن تنفذ بمشاركة من الحلفاء الأوروبيين الذين يشعر الكثير منهم بالقلق من تأزم الوضع السياسي والاجتماعي في العالم العربي.
بعض الأنشطة الأخرى يمكن أن تقوم بها المنظمات الأهلية والجامعات ومؤسسات أخرى، الهدف من ذلك ليس إخفاء الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة في هذه الأنشطة، بل الهدف هو جذب قطاع كبير من المجتمعات الشرق أوسطية إلى قطاع كبير من المجتمعات الغربية.
كما يجب أن لا نتخلى عن الليبراليين العرب؛ فكثير منهم يقاتل بشجاعة في سبيل تحقيق أفكار ندعمها، والتخلي عنهم سيبعث برسائل خاطئة. لكن في الوقت نفسه يجب أن لا نعلق أملنا على نجاحهم؛ فالأفضل لنا أن نحقق نجاحات جزئية مع قطاع كبير من العامة بدلاً من أن نحقق نجاحاً كبيراً مع مجموعة من النخبة المنعزلة والتي لا تتمتع بأي تفويض شعبي.
إننا نريد أن نروِّج للفكر التحرري بين جماهير العالم العربي الموجودة في القاهرة وبغداد وبيروت، وليس في واشنطن ولندن وباريس؛ لذلك يجب أن يأتي الدعم المقدم إليهم من حكومات تلك الدول وليس من الحكومات الغربية. وإذا نسينا ذلك فعندئذ لن نكون قد أسأنا لأنفسنا فقط، بل سنكون قد أسأنا في حقهم أيضاً.))