للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى المسلم والمسلمة معرفة خطر الاسترسال خلف الشهوات الفكرية, واللوثات العقلية, والحرص على تحصين العقل بالإيمان، ثم بتعلم القرآن وأحكامه, ومباشرة أهله وخاصته ممن يتبعونه حق اتباعه, ويقيمون حروفه وحدوده, فإنَّ كون المرء على الإسلام منَّة عظيمة ونعمة جليلة, لا يجوز لصاحبه جهل حقيقة هذه النعمة, فالمسلم والمسلمة يجب عليهما أن يعلما بأنهما من أهل الجنة مآلًا ما داما على الإسلام الخالص, وعدوهما اللدود إبليس اللعين يسعى بشتى الطرق والوسائل ليخرجهما من الجنة، ما دامت أرواحهما في أجسادهما, كما أخرج أبويهما عليهما السلام, فعليهما أن يقطعا الطريق على اللعين الرجيم, بمعرفة حقيقة المنة بجعلهما على دين الإسلام بفضله وكرمه, لا بذكائهما أو جهدهما, فالذي عليهما الحفاظ على هذه النعمة وتكمليها بأن ينجيا أنفسهما من الدخول في النار بترك المنكرات وأداء الواجبات، كما قد ضمنا النجاة من الخلود فيها إن ماتا على الإسلام الخالص.

(فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس, فإن تولاه الله لم يظفر به عدوه, وإن خذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة.

فإن قيل: فما ذنب الشاة إذا خلَّى الراعي بين الذئب وبينها. وهل يمكنها أن تقوى على الذئب وتنجو منه؟

قيل: لعمر الله إن الشيطان ذئب الإنسان كما قاله الصادق المصدوق, ولكن لم يجعل الله لهذا الذئب اللعين على هذه الشاة سلطانًا مع ضعفها, فإذا أعطت بيدها وسالمت الذئب, ودعاها فلبت دعوته, وأجابت أمره, ولم تتخلف، بل أقبلت نحوه سريعة مطيعة, وفارقت حمى الراعي الذي ليس للذئاب عليه سبيل, ودخلت في محل الذئاب، الذي من دخله كان صيدًا لهم, فهل الذنب كل الذنب إلا للشاة, فكيف والراعي يُحذّرها ويُخوّفها ويُنذرها وقد أراها مصارع الشاء التي انفردت عن الراعي ودخلت وادي الذئاب!).

[ابن القيم- شفاء العليل: ص١٠٠]

عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قِيلَ لِحُذَيْفَةَ: أَتَرَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ دِينَهَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: (لَا، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أُمِرُوا بِشَيْءٍ تَرَكُوهُ، وَإِذَا نُهُوا عَنْ شَيْءٍ رَكِبُوهُ، حَتَّى انْسَلَخُوا مِنْ دِينِهِمْ كَمَا يَنْسَلِخُ الرَّجُلُ مِنْ قَمِيصِهِ) [الإبانة الكبرى لابن بطة: ص١٧٣ - ١٧٤]

والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>