سيطعن الليبرالي في أن السعودية لا يوجد بها مجالس تشريعية ولا برلمانية (مجلس الشورى) منتخبة، وبالتالي لا يمكن إخضاع هذا القضية لمجالس أعضاؤها وصلوا إلى كراسيهم بالتعيين الحكومي، وحينئذ لا مناص لمعرفة الرأي العام السعودي حيال هذه القضية من طرحها للتصويت على غرار الانتخابات البلدية ..
يعلم الليبراليون أنه لو طرحت قضية قيادة المرأة للسيارة للتصويت فإن الأصوات الغالبة ستختار المنع، حتى لو اقتصر التصويت على النساء فقط فالأكثرية من النساء ستؤيد المنع أيضا، مهما سخر الليبراليون من وسائل إعلامهم، وأساليب خداعهم وكذبهم للدعاية لهذه القضية وترويجها بين النساء، فلن تكون الأصوات المؤيدة لهم إلا قليلة جداً، وهم في واقع الأمر منذ عشرات السنوات يضخون الفكر الليبرالي والمسخ الأخلاقي بكثافة عبر قنواتهم وصحفهم وما ازدادوا من الناس إلا مقتا وبعداً، وليسوا سوى أقلية منبوذة ليس لها أي قبول عند جمهور الناس، حتى إن كثيرا منهم هاجروا إلى دبي ومصر والبحرين هربا من أسرهم التي نبذتهم اجتماعيا، ويلجئون إلى التحالف مع الطوائف الأخرى، وتحريضها على الدولة والمجتمع، والاستقواء بالمنظمات الدولية والسفارات الأجنبية لمحاولة فرض أجندتهم بالإرهاب الفكري والتسلط السياسي الأجنبي ..
وما دام أن الليبراليين ليس لهم امتداد شعبي فلو طرحت قضية قيادة المرأة للسيارة في المجتمع للتصويت لخسروها .. فماذا يفعلون؟
هنا تنقسم الأطروحات الليبرالية إلى أقسام:
- فمن الليبراليين من يكابر ويدعي أن الناس معهم لكن سطوة التيار الديني تخيفهم، وكأن الشرعيين قد نصبوا المشانق في الشوارع لكل من لا يؤيد فكرتهم، وهذا الادعاء لا يصر عليه إلا الحمقى منهم، وأصبح موضع تندر وسخرية من الغربيين ومن ليبراليين آخرين لم يهبطوا إلى هذا المستوى من التفكير ..
- ومن الليبراليين من يحار في هذه القضية وينقطع عن الجدال إن جوبه بها؛ لأن المقتل الفكري لليبرالية هو في سؤال الليبرالي عن كون الناس إن مورست عليهم الحرية بمفهومها الليبرالي فصوتوا ضدها، أو إن طبق عليهم النظام الديمقراطي فصادروه بالطرق الديمقراطية ذاتها، فهل يعطون ما اختاروا أم يقهرون على ما يريده الليبراليون، وهو ما عبر عنه بعض الليبراليين بالمشكلة التي لا حل لها، وهي التي يصغر فيها الليبرالي أثناء النقاش كصغار إبليس يوم عرفة.
وحيال هذه القضية ينقلب كثير من الليبراليين على أس الليبرالية وقلبها النابض وهو الحرية، ويرون فرض ما لا يريده الناس بالقوة بحجة أن الناس لا يدركون مصالحهم، وتكون حثالة الليبراليين بفكرها الآسن وصية على البلاد والعباد، فيصادرون رأي الأكثرية لرأيهم، ويقتلون الحرية باسم الحرية، ويصبحون في استبدادهم أشد من النازيين والفاشيين، وهو ما يمارسه أكثر الليبراليين السعوديين حتى إن أشدهم رجسا قال: لا شك في أن الديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخاب أو تصويت، بل هي قيم ثقافية واجتماعية يجب أن تتعمق في النفوس قبل التوجه إلى صندوق الاقتراع ..
فانتقده ليبرالي آخر بمقالة عنوانها: عندما ينبري المثقف لشرعنة الاستبداد، ولمزه ليبرالي ثالث يرى أنه ما فرض وصايته على الشعب السعودي بهذه الطريقة الفجة إلا لأنه مستشار في بلاط المستبد على حد وصفه.