ما أشبه الليلة بالبارحة! هاهم ملوك الرفض يتنمرون على شعوبهم، ويسلبون خيراتهم، وينشرون الشبهات، والشهوات، والبدع، والمنكرات، ويمكنون لأعداء الملة. وهذا حالهم من قبل، فقد وصف الحافظ، المؤرخ، ابن كثير - رحمه الله - أسلافهم، بوصف دقيق، منطبق على سلالتهم، فقال:
(وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء، وأكثرهم مالا، وكانوا من أعتى الخلفاء، وأجبرهم، وأظلمهم، وأنجس الملوك سيرة، وأخبثهم سريرة. ظهرت في دولتهم البدع، والمنكرات، وكثر أهل الفساد، وقل عندهم الصالحون من العلماء، والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية، والدرزية، والحشيشية، وتغلب الفرنج على سواحل الشام، بكماله، حتى أخذوا القدس، ونابلس، وعجلون، والغور، وبلاد غزة، وعسقلان، وكرك الشوبك، وطبرية، وبانياس، وصور، وعكا، وصيدا، وبيروت، وصفد، وطرابلس، وإنطاكية، وجميع ما، والى ذلك، إلى بلاد إياس وسيس، واستحوذوا على بلاد آمد، والرها، ورأس العين، وبلاد شتى غير ذلك، وقتلوا من المسلمين خلقًا، وأممًا، لا يحصيهم إلا الله، وسبوا ذراري المسلمين من النساء، والولدان، مما لا يحد، ولا يوصف، وكل هذه البلاد كانت الصحابة قد فتحوها، وصارت دار إسلام. وأخذوا من أموال المسلمين ما لا يحد، ولا يوصف، وكادوا أن يتغلبوا على دمشق، ولكن الله سلم) [البداية والنهاية: ١٢: ٢٦٧]
والصورة منطبقة تماماً! مع استبدال النصارى باليهود. فهؤلاء الروافض الباطنية، الذين يحكمون بلاد الشام، لم يطلقوا رصاصة واحدة، منذ نحو أربعة عقود، نحو إسرائيل! بينما يفرغون رشاشاتهم، وقاذفات دباباتهم في نحور الأبرياء العزَّل من أهل الشام، ويحاصرونهم في بلداتهم، وقراهم، بمرأى، ومسمع من العالم أجمع!
وهاهي قنوات الرفض الفضائية، التي ملأت الجو صراخاً، وعويلاً، بسبب فساد خطتهم في البحرين، لا تتحول إلى شيطان أخرس، بل إلى شيطان ناطق، تدافع عن طاغية النصيرية، الذي أهلك نحو ألف إنسان للحفاظ على كرسيه، وتنفذ طائفته، في حين لم يسقط في البحرين سوى بضعة عشر شخصاً، نصفهم من رجال الأمن!
وهاهي الشعوب السنية، تنتفض على جلاديها، وتقدم المهج، والأرواح، للتخلص من نير ملوك الرفض، البغيض، فعسى الله أن يقيض لهم يداً من الحق حاصدة، تريح الناس من شرهم، وطغيانهم، وعسى الله أن يأتي بالفتح، أو أمر من عنده. وعسى أن نحاكي ابن كثير ـ رحمه الله - حين حكى نهايتهم، فقال:
(وحين زالت أيامهم، وانتقض إبرامهم، أعاد الله عز وجل، هذه البلاد كلها، إلى المسلمين، بحوله، وقوته، وجوده، ورحمته. وقد قال الشاعر المعروف عرقلة:
وغدا الشرقُ يحسد الغر ... بَ للقومِ فمصرٌ تزهو على بغدادِ
لا كفرعونَ والعزيز ومن كا ... ن بها كالخطيبِ والاستادِ
ما حووها إلا بعزمٍ وحزمٍ ... وصليلِ الفولاذِ في الأكبادِ
قال أبو شامة: يعني بالاستاد: كأنه نور الاخشيدي، وقوله آل علي: يعني الفاطميين على زعمهم، ولم يكونوا فاطميين، وإنما كانوا ينسبون إلى عبيد، وكان اسمه سعيدًا، وكان يهوديًا، حدادًا بسلمية) [البداية والنهاية: ١٢: ٢٦٧]
رحم الله ابن كثير، وفك أسر دمشق، وبلاد الشام، وسائر بلاد الإسلام، من تسلط الرافضة اللئام.