للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله كشف المنافقين، وأنزل سوراً عديدةً، منها التوبة، حتى كانت تسمى "المقشقشة" ما تركت أحداً إلا ذكرته منهم، حتى بينتهم وفضحتهم، وكانت تسمى "الفاضحة" أيضاً، فنريد من أهل الإسلام - علماء الإسلام وطلبة العلم والدعاة - أن يترسموا ويستلهموا منهج هذه السورة في فضح العلمانيين، وكشفهم، وبيان عوراتهم، خاصةً وأن كثيراً من العامة ينخدعون بهم، وهذه مصيبة، أن تسير الأمة خلف ركابهم مخدوعة؛ لأنهم يستخدمون ألفاظاً إسلامية، وقد يستشهد أحدهم بآيةٍ أو حديث، أو كتابٍ لأهل العلم، وقد ينقل قاعدةً فقهية، وقد يتكلم، وقد يصلي أحياناً، وهذا الفضح لا يجوز بحالٍ من الأحوال أن يكون من خلال التشويش والتهويش والغضب والانفعال والصراخ أبداً، يجب أن يكون من خلال الوثائق والحقائق والمعلومات الدامغة التي تجعل حتى عدوك لا يملك إلا أن يوافقك على ما تقول.

٢/ على أمّة السودان حكاماً ومحكومين أن ينتبهوا لهذه الأخطار المحيطة بهم في الداخل والخارج والتي تهددهم في دنياهم آخرتهم.

٣/ نداء نوجهه إلى كل صفوف العمل الإسلامي أن يؤجلوا خلافاتهم في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بالعباد والبلاد وليفرغوا طاقاتهم ويركزوا جهودهم لمواجهة هذه التحديات. والوقوف أمام المخطط الأميركي الصهيوني لتفتيت بلاد المسلمين، بدايةً بالعراق -وكما قرر الكونجرس الأميركي بجلسته أخيراً - إلى مناطق ثلاث، كردية في الشمال، وسُنية في الوسط، وشيعية في الجنوب. وهو ما يجري الآن بالنسبة إلى السودان وتقسيمه إلى شمالٍ عربيٍّ إسلامي، وجنوبٍ زنجيٍّ مسيحي، وغربٍ عرقيٍّ وشرق قبليٍّ. والخطر مازال قائماً على بعض مناطق الخليج العربي وتقسيمه طائفياً ومذهبياً إلى سُنةٍ وشيعة، أو عرقياً، والأمم المتحدة بالمرصاد تتلقى توجيهات الدول الكبرى باسم حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات، والخطر يهدد المغرب العربي كله وتقسيمه إلى عرب وبربر.

البدار البدار بالتوبة النصوح:

يقول سيدنا علي رضي الله عنه (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع بلاء إلا بتوبة). وقال الحسن البصري (بلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر).

لقد صدق فينا قول رب العزة (ومن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى). وصدق رسول الله صلى الله عليه في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة والحاكم عن ابن عمر مرفوعا: (كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين، خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن:

ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان. وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل بأسهم بينهم شديداً).

فنحن أمةٌ خفرنا العهد مع الله فسلط علينا عدونا من كل جهة، وتداعت علينا الأمم كما تداعت الأكلة على قصعتها.

لقد ذقنا مرارة بعدنا عن كتاب الله، وتجرعنا آلام تنكبنا لطريق الله، وحصدنا ما زرعنا من التساهل والتلاعب بدين الله.

لقد آن لنا أن نرجع إلى الله، ونفر إليه فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه.

وحال البلاد والعباد ليس لها من دون الله كاشفة.

عليكم عباد الله أن تتوبوا إلى ربكم توبةً نصوحاً، وأن تحولوا مما يكره ربكم إلى ما يحب، لعل الله أن يتحول لكم مما تكرهون إلى ما تحبون، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور آية: ٣١].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [سورة التحريم آية: ٨].

وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [سورة هود آية: ٣].

أسأل الله تعالى وأتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، أن يجعل في قلوب المؤمنين الحماس والرغبة الصادقة في العمل الجاد لما يرضيه، وفي الجهاد الصادق في سبيله، وفي قول كلمة الحق، وفي الدعوة إلى الله تعالى، وفي جمع الكلمة، وفي بذل النصيحة، وفي محاولة رد كيد الكائدين، سواء كانوا من العدو الداخلي المستتر، أم من العدو الخارجي المعلن، وأسأله تعالى أن يكلل العاملين بالنجاح، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص؛ إنه على كل شيء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>