للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع السعي الجاد في طاعة الله تعالى، وكثرة عبادته؛ فأهل الكهف لما سعوا إلى طاعة ربهم، وهربوا من شرك قومهم أعانهم الله تعالى على ما أرادوا، وثبتهم عليه، وقص الله تعالى علينا خبرهم لنتأسى بهم في الثبات {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف:١٣] والصحابة لما خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم للحديبية طائعين لله تعالى ثبتهم الله تعالى على إيمانهم قال الله تعالى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:٤]. مع مجاهدة النفس على الإيمان والطاعة، والبعد عن المحرمات {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩] فوعد الله تعالى بهدايتهم متى ما جاهدوا أنفسهم، وخصهم بمعيته لأنهم محسنون.

٦ - قراءة سير السلف من الثابتين على الحق {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ] [هود:١٢٠] ولذلك قص النبي عليه الصلاة والسلام على خباب رضي الله عنه سير الثابتين قبلهم لما شكوا إليه ما يلقون من الأذى. ومنه قصة الساحر والغلام والكاهن، وقول الغلام لما خدت الأخاديد (يا أمه اصبري فإنك على الحق) (١).

٧ - تعاهد القلب وملئه بمحبة الله تعالى ومحبة رسوله عليه الصلاة والسلام فإن ذلك يدفع للثبات والتضحية، فالوالد من فرط محبته لولده يفديه بحياته، والعشيق يفدي معشوقته. ومحبة الله تعالى أكبر وأسمى من محبة الولد والمعشوقة؛ لما لله تعالى من أفضال كثيرة على العبد، ولحاجة العبد الدائمة إلى العبودية لله تعالى.

٨ - كراهية الكفر وأهله واستحضار عاقبتهم دائما؛ كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ)) (٢) ٩ - التواصي بالحق وبالصبر؛ فإن الله تعالى استثني من الخسران من تواصوا بهما، قال تعالى {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:٣] وقال تعالى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ} [البقرة:٤٥] وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:١٥٣] وكذلك الصلاة والمحافظه عليها كما في الآيات الأخرى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ..

١٠ - كثرة ذكر الله تعالى {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ} [الرعد:٢٨] وطمأنينتها سبب لثباتها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:٤٥].

١١ - لزوم التقوى؛ فبها ينال العبد برهاناً ونوراً وفرقاناً يعرف به الحق من الباطل فلا يلتبس عليه كما قال تعالى {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [البقرة:٢٨٢] وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال:٢٩] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد:٢٨] فمن علمه الله تعالى، ورزقه فرقاناً، وجعل له نوراً فلن يزيغ أو يضل أو يضعف.


(١) رواه من حديث صهيب رضي الله عنه مسلم (٣٠٠٥).
(٢) رواه البخاري (٢١) ومسلم (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>