أوردنا هذه المقتطفات الطويلة من الموقع الإلكتروني الرسمي، حتى يتجلٌى بكل وضوح الهدف الحقيقي، المعلن لهذا البرنامج الأمريكي الذي يدعو له عديد المعارضين اللبراليين العرب، وعدد من قادة المنظمات والجمعيات العربية، منها الفلسطينية في غزة ونابلس ورام الله. وحتى بعض المحسوبين على اليسار العربي، الذين لا يرون حرجا في التعاطي مع البرامج الحكومية الأمريكية (والأروبية) والمشاركة النشيطة بها والدعاية لها، مقابل بعض التمويل، وبعض السٌفريات. أمٌا المنظمات "غير الرٌبحية" التي تدعمها وزارة الخارجية الأمريكية، لتنفيذ هذه البرامج، فنجد من ضمنها: مكتب الدراسات الإستراتيجية للشرق الأوسط وأيركس وفريدوم هاوس وجامعة نيويورك والمركز الدولي للمشروعات الخاصٌة، ومؤسٌسة ييستر ويو آس آد، وهذه الأخيرة هي مؤسٌسة رسمية، حكومية أمريكية.
كلمة حق يراد بها باطل
تنطلق الإمبريالية الأمريكية من الغياب الفعلي للديمقراطية، ومن قمع واضطهاد المرأة، وانعدام الشفافية في الوطن العربي (وغيره) لتجعل منها ثغرة تستغلها للتدخل باسم حقوق الإنسان، وباسم الدفاع عن الديمقراطية والمرأة الخ. لكن الأنظمة القائمة تحضى جلٌها (وربما جميعها) بمساندة الولايات المتحدة، فجميعها مطبٌع علاقاته مع الكيان الصهيوني، سرٌا أو علنا، وكلها معادية لأي نفس مقاوم للإحتلال في فلسطين أو العراق، وصفٌقت للإعتداء الصهيوني على لبنان عام ٢٠٠٦، ولم تحرٌك ساكنا خلال القصف المكثٌف على غزٌة، كما لا يسمح نظام عربي واحد بالإحتجاجات الجماهيرية ضد العدوان والمجازر.
إن اهتمام أمريكا منصبٌ على خلق تيٌار مساند لها، في اوساط المقاولين والصحفيين والمثقفين والطلبة والشباب والنسوة، وقادة الأحزاب والمنظمات غير الحكومية. لخلق جيل من الأنتليجنسيا المشبعة بالقيم الإيديولوجية اللبرالية السائدة في الولايات المتحدة، وخلق تيٌار بديل للقيم الشعبية السٌائدة في الوطن العربي، وبديل لمعاداة الصٌهيونية والحلف الأطلسي والإمبريالية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، وقلب الموازنة تدريجيا لتأسيس تيٌار يدافع عن القطاع الخاص، واللبرالية والسياسات الإمبريالية والإحتلال، لدى الشباب والنسوة والمثقفين والصحفيين.
وتعلم الولايات المتحدة، علم اليقين أن الأنظمة العربية غير شعبية، ولذلك تظهر للرأي العام المحلٌي أنها غير راضية على وضعية حقوق الإنسان (من خلال التقرير السنوي لوزارة الخارجية وكذلك تقرير هيومن رايتس واتش)، ويلتقي سفراء وممثلو الحكومة الأمريكية بأطراف المعارضة، بما فيها الإخوان المسلمون وبعض قوى اليسار، للإستماع إليهم والإستفادة من نقدهم للسلطة، كي يعدٌلوا برامجهم، ويعدوا العدٌة، "لتجاوز التحديات في مجال نشر الديمقراطية والإزدهار الإقتصادي وتحسين جودة التعليم ودعم مشاركة المرأة في المجتمع"، ويقول "ستيفن فورد"، السفير الأمريكي السابق في الجزائر (قبل انتقاله إلى بغداد في حزيران ٢٠٠٨):" من واجب السفراء أن يكونوا على اتصال مع مواطني البلد المضيف، وهذا ما فعلته، نحن بحاجة للحديث مع الأحزاب السياسية، مع رجال الأعمال ورجال الثقافة، لنتفهٌم حاجيات الجزائريين. وهدفنا من كل هذا هو مساعدة السلطات الجزائرية على تحضير الجزائر والشباب الجزائري للإندماج في الإقتصاد العالمي والحصول على مرتبات عالية". لقد ركٌز البرنامج كثيرا على الجزائر (وفلسطين)، خاصٌة أثناء محاولات امريكا تركيز قواعد عسكرية لإيواء "أفريكوم"، ورفضت الجزائر ذلك، رغم مشاركتها في بقية برامج الحلف الأطلسي، في المتوسط.