للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم .. شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي، والاختلاط الجنسي، بكل صوره وأشكاله، أن هذا كله لم ينته بتهذيب الدوافع الجنسية وترويضها. إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمأ والاندفاع! وشاهدت الأمراض النفسية والعقد التي كان مفهوما أنها لا تنشأ إلا من الحرمان، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ الجنسي بكل أنواعه. ثمرة مباشرة للاختلاط الكامل الذي لا يقيده قيد ولا يقف عند حد؛ وللصداقات بين الجنسين تلك التي يباح معها كل شيء! وللأجسام العارية في الطريق، وللحركات المثيرة والنظرات الجاهرة، واللفتات الموقظة. وليس هنا مجال التفصيل وعرض الحوادث والشواهد. مما يدل بوضوح على ضرورة إعادة النظر في تلك النظريات التي كذبها الواقع المشهود.

إنالميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين الحيوي؛ لأن الله قدناطبه امتداد الحياة على هذه الأرض؛ وتحقيق الخلافة لهذا الإنسان فيها، فهو ميلدائميسكن فترة ثم يعود، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته؛ وتدفع به إلى الإفضاءالماديللحصول على الراحة، فإذا لم يتم هذا تعبت الأعصاب المستثارة " (١).

وبعد ذلك كله فإننا لاننكر أن يكون الشذوذ ظاهرة ربما عرضت لنفر منبوذ -لا يراعي للاختلاط حرمة- في مجتمع عربي! أما دعاة الفصل والنأي عن أسباب الفتنة فهم أبعد الناس عنه وأسلمهم منه، لكن ما نستهجنه محاولات تسويغ الدعوة إلى الاختلاط بدعاوى سمجة، بالإضافة إلى تحليل أسباب ظاهرة الشذوذ في المجتمعات العربية تحليلاً سطحياً ساذجاً، يضحك به على البسطاء، ثم اقتراح عقار آخر يضاعف الداء، بهدمهم لتدابير الإسلام الإيجابية كحضه على الزواج، وترخيصه -كالأديان قبله- في الإماء، وأمره بالصيام، وهتكهم لتدابير الإسلام الوقائية، كالسُتُر الحائلة دون اختلاط الرجال بالنساء.

وأخيراً إذا كان إنكار نحو دوران الأرض حول الشمس مثلاً يعد عند بعض المثقفين جهلاً يستدعي منهم نوع ازدراء لقائله باسم العلم والعقل مع أن كثيراً منهم لايملك التدليل عليه لجهله! فإن إنكار بعض المثقفين لأثر الاختلاط بين الجنسين على تأجيج الشهوات والإصابة بداء السعار الجنسي أمر يدعو للاشمئزاز من تلك العقول، المنكرة للفطرة والشعور الإنساني والواقع المشاهد!


(١) السابق، سورة النور:} قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .. {الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>