وقال في (الوصية الكبرى: ص٧٧): (وكل من قال من العُبَّاد المتقدمين أو المتأخرين أنه رأى ربه بعين رأسه فهو غالط في ذلك بإجماع أهل العلم والإيمان)
وشيخ الإسلام ابن تيمية ليس وحده الذي نفى أن يكون في الحديث إشكال لأنه رؤيا منام، بل ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
ومن هؤلاء:
١ - الذهبي في (ميزان الاعتدال)(١/ ٥٩٤) قال: (وهذه الرؤية رؤيا منام إن صحت.)
٢ - السيوطي في (اللآلئ المصنوعة)(١/ ٣٤) قال: (وهذا الحديث إن حُمل على رؤية المنام فلا إشكال)
٣ - العجلوني في (كشف الخفاء)(١/ ٤٣٧) نقل كلام السيوطي ولم يتعقبه.
٤ - المعلِّمي كما في التنكيل (١/ ٢٥٣) قال: (إن لهذا الحديث طرقاً معروفة في بعضها ما يشعر بأنها رؤيا منام، وفي بعضها ما يصرح بذلك، فإن كان كذلك اندفع الاستنكار رأساً)
وغيرهم
قال الإمام الدارمي في (النقض على المريسي: ٢/ ٧٣٨) عند كلامه على حديث: ((أتاني ربي في أحسن صورة)): (وإنما هذه الرؤية كانت في المنام، وفي المنام يمكن رؤية الله تعالى على كل حال وفي كل صورة).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية ١/ ٣٢٥ - ٣٢٨):
((لفظ الرؤية وإن كان في الأصل مطابقاً فقد لا يكون مطابقاً كما في قوله:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا} وقال: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} وقد يكون التوهم والتخيل مطابقا من وجه دون وجه فهو حق في مرتبته وإن لم يكن مماثلا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم وقد يرى في اليقظة من جنس ما يراه في منامه فإنه يرى صوراً وأفعالاً ويسمع أقوالا وتلك أمثال مضروبة لحقائق خارجية كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته كما قال: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنبل بل والبقر فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تأويلاً صحيحاً يكون مناسباً له ومشابهاً له من بعض الوجوه فإن تأويل الرؤيا مبناها على القياس والاعتبار والمشابهة والمناسبة ولكن من اعتقد أن ما تمثل في نفسه وتخيل من الرؤيا هو مماثل لنفس الموجود في الخارج وأن تلك الأمور هي بعينها رآها فهو= مبطل، مثل من يعتقد أن نفس الشمس التي في السماء والقمر والكواكب انفصلت عن أماكنها وسجدت ليوسف وأن بقراً موجودة في الخارج سبعاً سماناً أكلت سبعاً عجافاً فهذا باطل.