لا يا عزيزي .. الصحوة تختلف كثيراً عنك في معاييرها، الصحوة الإسلامية لم تنطلق بمعايير تغريبية، الصحوة الإسلامية لم ترسم مسارها بمعايير علمانية، ولا بمعايير ليبرالية، ولا بمعايير تنويرية، ولا بمعايير الديمقراطيين، ولا بمعايير أدعياء الوسطية، ولا بمعايير أدعياء الإصلاح السياسي، ولا بمعايير الوطنية الجاهلية، .. ولكنها بمعايير (أهل السنة) .. أتعرف ما هو معيار أهل السنة؟ إنه (الإسلام الشامل) إنه أخذ الكتاب كله .. إنه الاستسلام والانقياد لكل مسائل الدين .. إنه الاعتزاز والفخر بكل حرف من حروف الشريعة .. إنه حمل رسالة الإسلام بكل تفاصيلها .. وليس بالأجزاء التي تهواها النفوس فقط .. كما قال تعالى في وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ)[آل عمران:١١٩] ..
أما هذه المدارس الفكرية المخالفة لأهل السنة في منهج الإصلاح فمصدر الخلل في معاييرهم تبعيض الكتاب الذي قال الله عنه (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)[البقرة:٨٥] .. وعبر عنه القرآن أيضاً بتعضين القرآن الذي قال الله عنه (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)[الحجر: ٩١] أي أجزاءً مفرقة .. وعبر عنه القرآن أيضاً بقرطسة النص الذي قال الله عنه (تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا)[الأنعام:٩١].
إن كنت ياعزيزي لازلت متشرباً أهواءك في حصر الإسلام في (العمران المادي) .. أوحصر الإسلام في (الحرية السياسية) .. أوحصر الإسلام في (ماوافق الغرب من المفاهيم) .. فلا داعي أن تتعب نفسك وتتعبنا معك في البحث عن منجزات الصحوة .. لأن مشكلتك ليست مع "الصحوة" .. بل مشكلتك مع "القرآن" .. صحح علاقتك بكتاب الله أولاً، ثم تعال نتناقش في منجزات الصحوة ..
الصحوة الإسلامية ياعزيزي حين استوعبت أن معيارها هو معيار أهل السنة وهو الأخذ بالكتاب كله .. أثمرت منجزات شرعية في زمن قياسي قصير .. نجاحات متوالية مذهلة في مدة استثنائية ..
أعظم وأهم وأشرف منجزات الصحوة الإسلامية (ترسيخ التوحيد) الذي جعله الأنبياء والرسل رأس مشروعاتهم .. تأمل في البلدان العربية والإسلامية التي لم تنتعش فيها الصحوة السنية وابكِ -إن كانت دموعك يستثيرها التوحيد- على عدد الأضرحة والمزارات والقباب والمشاهد والمراقد المقدسة .. اسأل أي حركة قبورية في العالم عن أخطر توجه يهددهم وسيقولون لك "الصحوة السلفية" .. أي شرف أن يكون من يواصل مشروعات الأنبياء والرسل هم هذه الصحوة الإسلامية؟!
هل تعلم أنه في مولد أبي الحسن الشاذلي في محافظة البحر الأحمر في مصر ينحر ذبائح تصل إلى (١٢٠) ألف رأس من الخراف والماعز والإبل (صحيفة المصري اليوم، ٢٨/ ١٢/٢٠٠٦) ..
هل تعلم أن حصيلة النذور في مصر في الفترة (٢٠٠٥ - ٢٠٠٦) بلغت ٥٢ مليوناً و٦٧ ألف جنيه؟ (حوار لوزير الأوقاف المصري مع جريدة الأخبار) ..
هل تعلم أنه في المنطقة الشرقية والجنوبية من السعودية لاتزال تقام شعائر الشرك والوثنية في الاستغاثة والذبائح للحسين ولعلي ولبقية آل البيت؟
هل تعلم أن واحداً من أضخم الرموز الدينية في الحجازكتب كتباً ورسائل وعقد الدروس والمجالس يدعوا فيها لألوان من قوادح التوحيد .. حتى أن الشيخ عبد الله بن منيع لم يستطع احتمال الأمر وكتب كتاباً حزيناً في مناقشته والتحذير منه ومما قاله الشيخ ابن منيع في الكتاب: