وإذ كشفت الانتخابات عن طبيعة الولاءات الخارجية للنخب أو المجموعات التي تصارعت في العملية السياسية، فإنها كشفت عن اتخاذ كل منها لعبة الانتخابات وفكرة الديموقراطية وسيلة للوصول للحكم دون تركه إلا بالقوة، والمعنى أن لا أحد منهم على قناعة لا بالديموقراطية ولا بالحرية.
وواقع الحال أن مثل تلك الحقيقة لم تكن بحاجة إلى تأكيد من الانتخابات والتصريحات والصراع الجارى حاليا، إذ من وافق على إطاحة حكم بلاده بالقوة العسكرية للمحتل، لا يمكن له أن يؤمن لا بالديموقراطية ولا بالوطنية وبأى مبادىء أيا كانت، وكذا لأن مسيرة تلك الجماعات منذ وصولها للحكم -على ظهور الدبابات الأمريكية والدعم المالي والاستخبارى الإيراني -وحتى الآن هي مسيرة تطهير عرقى وقتل على الهوية وتهجير للسكان من منازلهم والاستيلاء عليها وتشكيل ميليشيات القتل والارهاب.
والأهم في كل ذلك هو أن تلك الانتخابات، جرت مثلها مثل انتخابات عام ٢٠٠٥ على صعد التزوير والتزييف، بما ثبت أن العملية السياسية التي شكلها الاحتلال، هي لعبة لتزييف الوعى وإنهاك المجتمع العراقي وفرضا للصراع الطائفي والعرقي وآلية لتفتيت المجتمع العراقى لا لتوحيده، ووسيلة لتغيير التوازنات بين مجموعات وعصابات جاءت مع الاحتلال -إذ الوجوه هى نفسها-وأنها وسيلة لتعميق التغلغل الخارجي في البلاد على كل الصعد، وآلية لتشكيل حكم معزول لا يلقى دعمه إلا من قبل المحتل أو المحتلين، وذلك كله هو ذات النمط الذي جرى في أفغانستان من قبل، وهو ذاته الذي جرى في كل الدول المحتلة عبر التاريخ الحديث والمعاصر.