ومما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية:(يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء الذي جعله النبي من الإيمان وشعبةً من شعبه، ومن الحياء المأمور به شرعًا وعرفًا تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة. وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت وحال المهنة كما قال تعالى:{ولا يُبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن}[النور:٣١] الآية، وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول ونساء الصحابة ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو: ما يظهر من المرأة غالبًا في البيت وحال المهنة ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة، هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها، وهذا موجود بينهن، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي أنه قال: من تشبه بقوم فهومنهم) انتهى.
فعلى ذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس الملابس الضيقة التي تبين تفاصيل أعضائها، ولا أن تلبس ما يشف فيبدي مفاتنها، ولا الملابس العارية، فكل ذلك يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (كاسيات عاريات) أخرجه مسلم (٢١٢٨) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) أخرجه مسلم (٣٣٨).
أما حدود نظر المرأة الكافرة إلى المسلمة
فللعلماء فيه قولان:
الأول: ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والأصح من مذهب الشافعية ورواية عن أحمد أن المسلمة يجب عليها أن تحتجب عن غير المسلمة إلا لحاجة أو ضرورة [حاشية ابن عابدين٦/ ٣٧١، بلغة السالك١/ ١٩٢، مغني المحتاج٣/ ١٣١، المغني ٧/ ٤٦٤]
والثاني: أن حكم غير المسلمة في النظر كحكم المسلمة وهذا القول وجه عند الشافعية ورواية عن أحمد وهو المشهور في المذهب الحنبلي [روضة الطالبين ٧/ ٢٥، المغني الموضع السابق]
والراجح - والله أعلم - هو القول الأول فلا يحل للمرأة الكافرة أن تنظر من المرأة المسلمة سوى الوجه والكفين، ومن الأدلة قوله تعالى:(ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن)[النور:٣١].
والشاهد في الآية قوله (أو نسائهن) حيث دلت الآية على النهي عن إبداء المؤمنة مواضع زينتها بين يدي الكافرة: مشركة كانت أو كتابية، فلو جاز لها النظر لم يبق للتخصيص فائدة. قال الإمام القرطبي في تفسيره:(أو نسائهن). (يعني المسلمات، وتدخل في هذا الإماء المؤمنات، ويخرج نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئاً من بدنها بين يدي امرأة كافرة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهن). انتهى.
وعلة ذلك أن الكافرة قد تصف المسلمة لكافر، فالتحريم لعارض، لا لكونها عورة.
بقي أن أشير إلى حكم نظر المرأة الفاسقة إلى المسلمة، فالراجح أنه لا يجوز لها النظر إلى غير الوجه واليدين من المرأة الصالحة إذا غلب على الظن أنها تصفها للرجال، قال الإمام العز بن عبد السلام من الشافعية (والفاسقة مع العفيفة كالكافرة مع المسلمة)[أسنى المطالب ٣/ ١١١] وفي الفتاوى الهندية عند الأحناف: (ولا ينبغي للمرأة الصالحة أن تنظر إليها الفاجرة، لأنها تصفها عند الرجال، فلا تضع جلبابها ولا خمارها عندها).