للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الدكتور ليونارد ساكس (١):

في منتصف التسعينيات بدأت ألاحظ مجموعات من طلاب السنة الثانية والثالثة الابتدائية يتقاطرون نحو العيادة، ومع كل طفل أحد أبويه حاملاً ورقة من المدرسة تطالب بفحص الطفل والتأكد من إصابته بمرض اضطراب العجز عن التركيز ( ADD) Attention Deficit Disorder)) يقول ساكس: في بعض الحالات لم يكن الأطفال بحاجة إلى ترياق اضطراب العجز عن التركيز، بقدر حاجتهم لمعلم يفهم الفروق العضوية بين الأولاد والبنات التي تؤثر على تعليمهم، وبعد أن تقصيت الأمر وجدت أنه لا أحد في المدرسة يعرف أن قدرة الجنسين على السماع متفاوتة (٢).

ويقول أيضاً: تخيل أنك في الصف الثاني الابتدائي، ثم تخيل جستن ( Justin) ذو السنوات الست جالس في آخر الصف، والمعلمة امرأة تتكلم بنبرة مناسبة بالنسبة لها، جستن لا يكاد يسمعها، يبدأ في النظر من النافذة، أو يراقب ذبابة تسير في سقف الفصل، تلاحظ المعلمة أن جستن غير منتبه .. تتكرر القصة، فتظن المعلمة أنه ربما يكون مصاباً باضطراب العجز عن التركيز! المعلمة مصيبة تماماً في وصمه بالعجز عن التركيز، لكن ليس السبب هو هذا المرض. لكنه صوت المعلمة الهادئ الناعم الذي يناسبها، ويفلح في شد بنات جنسها، بينما ينام أغلب الأولاد الذين يجلسون في الخلف (٣).

قال ساكس: في إحدى المرات بعدما فحصت أحد الأولاد وكتبت توصيتي قالت لي الأم: إن المدرسة نصحتهم باستشارة طبيب آخر، "ليس لأننا لا نثق فيك يا دكتور، لكن فقط لأن المدرسة تطلب استشارة من خبير"، عندها فهمت أن الأطباء الذين تصنفهم تلك المدرسة في عداد الخبراء، هم فقط من يكتبون الوصفات الطبية دائماً! دفعني الفضول لأعرف ما إذا كانت تجربتي هذه متكررة أم لا، فأخذت تمويلاً من الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة، لإجراء مسح يشمل كل عيادات منطقة واشنطن. كنا نسأل سؤالاً بسيطاً: من هو أول من يشخص اضطراب العجز عن التركيز؟

الإجابة: أغلب حالات الاشتباه بالإصابة بالمرض ينبه إليها المعلم، ليس الوالدين، ولا الجيران، ولا الطبيب (٤)!

لقد أثبت المختصون وجود اختلاف بين الأبناء والبنات في استجابة الدماغ السمعية، المتفرعة عنها القدرة على السمع، فبنت عمرها سبع سنوات، تميز أصواتاًأخفت من الأصوات الضعيفة التي ينتهي إليها تمييز ولد في عمرها نفسه، وباستخدام أجهزة اختبارات صوتية عالية النوعية، وجدوا أن إحساس البنات بالأصوات، أفضل من استشعار البنين لها بضعفين وربما ارتفعت نسبة إدراك المسموعات لدى بعضهن عن بعض البنين إلى أربعة أضعاف، وذلك في نطاق الترددات المهمة لتمييز الكلام -حوالي أربعة ألاف تردد في الثانية (٤ KHz) - وقد أدرك المختصون هذه النتيجة قبل قرابة نصف قرن (٥)،


(١) ليونارد ساكس (( Leonard Sax, M.D., Ph.D. رجل جمع مؤهلات شتى تتعلق بما نحن فيه فهو طبيب أسرة، وعالم إحيائي، بالإضافة إلى كونه خبيراً في علم النفس. وهو رئيس ومنشئ منظمة ( NASSPE) أو الجمعية الوطنية للتعليم الأهلي غير المختلط بأمريكا:
National Association for Single-Sex Public Education.
(٢) Sax: Why Gender Matters?, p.٤-٥.
(٣) Sax: Ibid, p.٥.
(٤) Leonard Sax and Kathleen Kautz: Who First Suggests the Diagnosis of Attention-Deficit Hyperactivity Disorder? A Survey of Primary-Care Pediatricians, Family Physicians, and Child Psychiatrists, Annals of Family Medicine, ١:١٧١-١٧٤, ٢٠٠٣.
(٥) John F. Corso: Age and Sex Differences in Thresholds, Journal of the Acoustical Society of America,٣١:٤٨٩-٥٠٧,١٩٥٩.

John F. Corso: Aging and Auditory Thresholds in Men and Women, Archives of Environmental Health, ٦: ٣٥٠-٣٥٦, ١٩٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>