للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: الغيرة على القرآن: إن غيرته على لغة القرآن (اللغة العربية) بارزة وظاهرة في طريقته وأسلوبه ومحافظته على الألفاظ والصياغات التي يكاد ينفرد بها، كذلك حرصه على تحذير أهل العلم من الانجرار خلف الألقاب المستوردة كلقب) الماجستير والدكتوراه) (١)، والرمز بحرف (د) قبل الاسم على طرَّة الكتب والمؤلفات والمقالات؛ كذلك ألَّف رسالته الفريدة «تغريب الألقاب العلمية).

ثانياً: غيرته على أعراض المسلمين ونسائهم على وجه الخصوص؛ حيث ألف واحداً من أروع وأوسع مؤلفاته قَبولاً وانتشاراً، وهو كتاب (حراسة الفضيلة) الذي طُبع منه حتى طبعته الرابعة ٥٠٠ ألف نسخة، كما ذكر ذلك الشيخ نفسه في مقدمته للطبعة الخامسة التي طبعتها دار العاصمة عام ١٤٢١ هـ.

ثالثاً: غيرته على أعراض العلماء والدعاة، فقد تصدّى - رحمه الله - لتلك الفتنة بمؤلَّفه: (تصنيف الناس بين الظن واليقين) ومن براعة الشيخ وورعه أنه لم يتعرض لأحد باسمه، بل نَقَد المسلك والطريقة، وحذّر منهما بأسلوب رفيع نفع الله به.

ومن المعالم البارزة عند الشيخ: جانب التواضع:

التواضع من صفات العلماء الراسخين في العلم، وقد حصل الشيخ بكر على مراتب علمية أكاديمية متقدمة، فحصل على لقب: (العالمية) و (العالمية العالية) كما يُحب أن يُطلق عليهما في كتاباته، وهما في المصطلح العلمي المعاصر (الماجستير) و (الدكتوراه)، ومع هذا لم يكن يصف نفسه بها ولا يقدّم تلك الألقاب أمام اسمه عند طباعة كتبه، ولا يضع لفظة (الدكتور) ولا يرمز باختصارها (حرف الدال) وقد سبق أن له رسالة في علاج ونقد هذه الظاهرة وهي:) تغريب الألقاب العلمية (

ومما يدل على تواضعه، بل دقّته - عليه رحمة الله -: أنه كان يكتب على مؤلفاته العبارات التالية: بعضها عبارة:) تأليف ... (وهو ما قام بتأليفه، مثل: كتاب) تصحيح الدعاء) وكتاب (طبقات النسّابين (.

وبعضها عبارة:) قرأه) كما في كتاب) الجدّ الحثيث في بيان ما ليس بحديث) ولعله يريد - رحمه الله - أنها مَنْزِلة أقل من) تحقيق، أو حقّقه) وقد ذكر فوائد في ذلك انظرها للفائدة في (ص ٦) من الكتاب نفسه، طبع دار الراية ط (١) ١٤١٢ هـ.

من المعالم البارزة في شخصيته: علو الهمة في الترقّي في مدارج العلم:

بدأ الشيخ دراسته الشرعية النظامية في كلية الشريعة فتخرج فيها، ثم عُيّن قاضياً في محكمة المدينة النبوية، ولم يقف عند هذا الحد مع ما في عمل القضاء من متاعب وصعوبات، إلا أن ذلك لم يثنه، بل واصل دراسته وحصل على ما يحب أن يطلق عليه في كتاباته: درجة (العالمية) الماجستير) وقدّم أطروحته في جانب الرجل الذي أحبّه وتخصّص به الإمام (ابن قيم الجوزية) وكان عنوان تلك الدراسة:) الحدود والتعزيرات عند ابن قيم الجوزية؛ دراسة موازنة) طُبِعَ في دار العاصمة عام ١٤١٥ هـ في مجلد واحد.


(١) تنبيه هام: قال الشيخ بكر في كتابه: (تغريب الألقاب العلمية (ص ٤١ (، وأخيراً، فلا يحسبن أحد أنني بهذا أدعو إلى التأخر عن نيل مثل هذه الرتب العلمية، لا وكلا، بل أرى ما فوق ذلك وهو أن يجدّ الطالب في الترقي إلى أقصى درجات الطلب وأن يهب حياته ويتفانى في سبيل العلم وخدمته، ولكن لا ينبغي لنا بحال أن نتعلق بالشكليات، وزُخرف الألقاب فقيّم الناس على حسب ألقابهم؛ فإن هذا من خَطَل الرأي المنتج لإسناد الأمر إلى غير أهله؛ إذ الأمور مرهونة بحقائقها، فالعبرة بجوهر الإنسان ومعناه لا بزخرف لفظه ومبناه؛ وبهذا نَسْلم من الدخول في قالب سجناء الألفاظ) ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>