للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيَّده الكاتبُ، فقال - متعقِّبًا الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - في إثباته صِفة الوجه لله: "لا يَشكُّ عاقل بأن وجهَ الإنسان والحيوان - أيًّا كان نوعُ هذا الحيوان - تتشابَه، من حيثُ إنَّها جميعًا أجسام، لها طُولٌ، وإن اختلف الطُّول من وجه إلى وجه، ولها عَرْض، وإن اختلف العَرْض من وجه إلى وجه، وهي شاغلةٌ لحَيِّز من الفراغ، وإن اختلف مِقدارُ الفراغ الذي يشغله وجهُ النملة عن وجه الفيل، وهكذا فمُقوِّمات الجسميَّة موجودة في كلٍّ، فهي متساويةٌ إذًا في الماهيات، وإن اختلفتِ في الصِّفات" (ص١٠٠ - ١٠١).

وهنا يبرز سؤالانِ هامَّان على هذا الكلام:

الأول: هل المقصودُ من هذا الكلام القولُ بأنَّ ذوات جميع الأشياء متساوية؟ ومِن ثَمَّ يتم هدمُ قاعدة: القوْل في الصفات كالقول في الذَّات، كما هُدِمت قاعدة: القولُ في بعض الصِّفات كالقول في البعض الآخر.

الثاني: لو قال قائل: إنَّ ذات رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - التي هي أطهرُ ذوات المخلوقين كذاتِ أنجس ذوات المخلوقات كالكَلْب والخنزير! أو قال: إنَّ الجسميَّة التي يُوصَف بها سيِّد الخَلْق - صلَّى الله عليه وسلَّم - هي نفسُ الجسميَّة التي يُوصَف بها الكلْب والحمار، فبِمَ يُحكَم على هذا القائل؟!

حاشا رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن مثل هذه الهرطقات والسفسطات، وصَدَق الإمام أبو يوسف - رحمه الله - حينما قال: "العِلم بالكلام هو الجَهْل، والجهْل بالكلام هو العِلْم ".

هذا بعضُ ما تيسَّر على عجلٍ من بيان ما اشتملَ عليه هذا الكتاب مِن أخطاء، وتلبيسات، ومغالطات.

والله الموفِّق، والهادي للصواب.

المصدر: موقع الألوكة

<<  <  ج: ص:  >  >>