للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

أخذ ابنُ مسعود من هذه الآية: تقديمَ ذوي الأرحام على المولى المُعتِق في إرث العتيق، مُعتَمِدًا في ذلك على مُطلَقِ تقديم ذوي الأرحام على غيرهم في ظاهر قوله تعالى ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال ٧٥]. والظاهر أن مُراد ابن مسعود من ذلك حرمان المولى المُعتِق من إرث العَتيق، فإن هذا الذي يستوجب الإنكار الصريح من ابن عباس ، كما أنه تفسير الراوي الذي شهد سياق الموقف، وهو أولى ممَّا سواه من الفهم المعتمد على لفظ الخبر، حين عَبَّرَ عن جواب ابن عباس بقوله: (يعني أنه يُوَرِّث المولى)، فيقابله قول ابن مسعود في عدم توريث المولى، ثم إن توريث المولى مع ذوي الأرحام- لو فُهِمَ من كلام ابن مسعود- ليس بمحل خلاف بين الصحابة، ولا يُنكِر عليه فيه ابنُ عباس، وإنما المُخالف لقولهم كما سيأتي: عدم توريث المولى من عتيقه (١)، قال الجصاص (ت: ٣٧٠): (وذهب عبدُ الله بن مسعود إلى أن ذوي الأرحام أولى من مَولى العِتَاقة، واحتَجَّ فيه بظاهر الآية) (٢)، وقول ابن مسعود هذا مَبنيٌّ على أن المُراد ب"أولي الأرحام" في هذه الآية المعنى الخاص في علم الفرائض، وهم: القرابة الذين لا فرض لهم ولا عصبة.

فَلَمَّا أُخبِر ابن عباس بقول ابن مسعود هذا استنكره، وقال: (هيهات هيهات، أين ذهب؟)، ثم استدلَّ على بُعدِه بقوله: (إنما كان المهاجرون يتوارثون


(١) نقل النووي الإجماع على ثبوت الولاء لمن أعتق. شرح مسلم ٤/ ١١٠، وينظر: الإجماع، لابن المنذر (ص: ١٣٠)، وموسوعة الإجماع ٣/ ١١٢١.
(٢) أحكام القرآن ٣/ ٩٩.

<<  <   >  >>