للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [يونس ٨٧]، وقوله ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور ٣٦]، أي: المساجد. وقد دَلَّت السنة على هذا الوجه من الأوَّليَّة، ففي حديث أبي ذَرٍّ قال: (سألتُ رسول الله عن أوَّل مسجدٍ وُضِعَ في الأرض؟ قال: المسجد الحرام. قلتُ: ثُمَّ أيّ؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون عامًا، ثمَّ الأرض لك مسجدٌ، فحيثما أدركتك الصلاةُ فَصَلِّ) (١).

* الحكم على الاستدراك:

قال الماوردي (ت: ٤٥٠): (لا اختلاف بين أهل التفسير أنه أوَّل بيت وضع للعبادة) (٢)، ومستند هذا الاتفاق نصُّ رسول الله عليه في حديث أبي ذَرٍّ السابق، وإنما الخلاف بينهم في دلالة الآية على ذلك.

والمعنى الذي ذكره علي في هذه الآية هو الصواب معنىً وحِسًّا؛ فإن هذا المعنى لا يُناقض الواقع وحِسًّا، ويدُلُّ عليه سبب النُّزول، والسياق، والسنَّةُ النبوية، قال ابن حجر (ت: ٨٥٢) عن حديث أبي ذَرٍّ السابق: (وهذا الحديث يُفَسر المُراد بقوله تعالى ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ [آل عمران ٩٦])، ويدلُّ على أن المُراد بالبيت بيت العبادة، لا مُطلَق البيوت، وقد ورد ذلك صريحًا عن علي ثم ذكر الرواية السابقة (٣)، وهذا نحو استدلال ابن جرير (ت: ٣١٠) على صحة هذا المعنى بحديث أبي ذر . (٤)

ومن وجوه ترجيح هذا المعنى، ما ذكره ابن عاشور (ت: ١٣٩٣) عند هذه الآية،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ٦/ ٤٦٩ (٣٣٦٦)، ومسلم في صحيحه ٢/ ١٧٧ (٥٢٠).
(٢) النكت والعيون ١/ ٤١٠.
(٣) فتح الباري ٦/ ٤٧٠.
(٤) جامع البيان ٤/ ١٣.

<<  <   >  >>