للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تحليل الاستدراك:

ما ذكره أبو سلمة في معنى الآية، هو عين ما أخبره به أبو هريرة في قوله له: (أتدري يا ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران ٢٠٠]؟ قال: قلت لا. قال: أما إنه لم يكن في زمان النبي غزو يُرابِطون فيه، ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد، يصلون الصلاة في مواقيتها، ثم يذكرون الله فيها) (١). وقول أبي هريرة في أن معنى الرباط في هذه الآية: انتظار الصلاة بعد الصلاة في المساجد. معتمِدٌ على: صحَّةِ المعنى المذكور لُغةً (٢)، فإن الرباط هو: الثبات والمُداومة، قال أبو عبيدة (٣) (ت: ٢٠٩): (﴿وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران ٢٠٠] أي: اثْبتُوا ودُوموا. قال الأخطل (٤):

ما زال فينا رِباطُ الخيل مُعْلَمةً … وفي كُلَيْبٍ رِباطُ الُّلؤْم والعارِ) (٥).


(١) أخرجه ابن مردويه، كما في تفسير ابن كثير ٢/ ٨٣٤.
(٢) هذا الملحظ مُطَّرِدٌ في جميع تفاسير الصحابة، وحَقُّه أن يُذكَر في عرض أقوالهم؛ الصحيح منها والضعيف، والراجح والمرجوح، غير أنِّي لا أذكره إلا إذا كان له تعلُّقٌ مؤثر في موضع الخلاف في الآية.
(٣) معمر بن المثنى، أبو عبيدة التيمي مولاهم البصري، لُغَويٌ مُصَنِّف، بارعٌ في الغريب وأيَّام العرب، صنف: مجاز القرآن، وغريب الحديث، وغيرها، توفي سنة (٢٠٩). ينظر: أخبار النحويين البصريين (ص: ٨٠)، والسير ٩/ ٤٤٥.
(٤) غياث بن غوث بن الصلت، من بني تغلب، والأخطل لقبٌ غلب عليه، كان نصرانيًا من أهل الجزيرة، وأخباره مع جرير والفرزدق كثيرة. ينظر: طبقات فحول الشعراء ٢/ ٢٩٨، والأغاني ٨/ ٢٠١.
(٥) مجاز القرآن ١/ ١١٢، وينظر: تفسير ابن المنذر ٢/ ٥٤٥، ونزهة القلوب (ص: ٢٤١)، وتحفة الأريب (ص: ١٣٧).

<<  <   >  >>