للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا﴾ [الكهف ١٠٢ - ١٠٦]، كما يشهد له ورود هذا المعنى في القرآن في غيرما آية، فقد وصف الله تعالى الكافرين عمومًا بضلال أعمالهم في قوله ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد ١]، وقوله ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ [النور ٣٩]، ووُصِفَ بهذا النصارى على الخصوص في قوله تعالى ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة ٧].

* الحكم على الاستدراك:

ورد عن علي وأبي أُمامة أن هذه الآية في الخوارج، وقال به الضحاك (ت: ١٠٥) (١)، وهذا تفسير بالمثال (٢)، ومعناه: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية. وهذا الأسلوب معروف في تفاسير السلف (٣)، ولا يُراد به الحصر، بل الآية عامَّةٌ في كل عاملٍ عملًا يحسبُهُ صوابًا ونجاةً، وهو ضلالٌ وهلكة، فتشمل اليهود والنصارى، والحرورية، وغيرهم.

ويدُلُّ على العموم صِيَغُهُ في الآية، نحو: "ال" المفيدة للاستغراق، و"الذين". ثُمَّ إن هذه الآية مكيَّة قبل خطاب اليهود والنصارى، وقبل وجود الخوارج بالكُلِّيَّة (٤) فهي عامَّةٌ في كل من عبد الله تعالى على غير طريقة مرضية، يحسب أنه مُصيب فيها، وأن عمله مقبول، وهو مُخطئ، وعمله مردود، كما قال تعالى ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)


(١) ينظر: تفسير ابن سلاَّم ١/ ٢١٠، وجامع البيان ١٦/ ٤٣، وبحر العلوم ٢/ ٣١٥، وتفسير ابن كثير ٥/ ٢١٩٨.
(٢) ينظر: المحرر الوجيز ٣/ ٥٤٥، والبحر المحيط ٦/ ١٥٧.
(٣) سبقت الإشارة إلى هذا في الاستدراك رقم (٤١) (ص: ٢٢٨).
(٤) ينظر: تفسير ابن كثير ٥/ ٢١٩٨.

<<  <   >  >>