للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمِّ سلمة يسألها، فقالت: قُتلَ زوجُ سُبيعَة الأسلمية (١) وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخُطبَت، فأنكحها رسولُ الله ، وكان أبو السنابل (٢) فيمن خطبها) (٣).

* تحليل الاستدراك:

ذهب ابن عباس إلى أن عِدَّةَ الحامل المُتَوفَّى عنها زوجُها أبعَدَ الأجلَين، وهُما: أربعةَ أشهر وعشرًا، أو أن تَضع حملها، وهُما الواردان في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة ٢٣٤]، وقوله ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ٤]، وهو قول علي بن أبي طالب (٤)، ومأخَذُهُما في ذلك أن آية الطلاق في المُطَلَّقة، بدلالة موضوع السورة وسياق الآيات؛ فموضوع السورة الأبرز الطلاق وأحكامه، كما أن سياق الآيات ظاهرٌ في المُطَلَّقة؛ لأنها عليها عُطِفَ، وإليها رَجعَ عَقِب الكلام (٥). وفي هذا القول أيضًا إعْمَالٌ للدَّليلين وجمعٌ بينهما، وهو أولى من الترجيح وإهمال أحدِهِما ما دام الجمع مُمْكِنًا؛ (لأن دليل العِدَّتين صادقٌ عليها، إذ هي مُتَوَفَّى عنها، ومن ذوات الأحمال) (٦)، قال ابن عبد البر (ت: ٤٦٣): (لولا حديث سُبيعَة بهذا البيان من


(١) هي سُبَيعَة بنت الحارث الأسلمية، وزوجها سعدُ بن خَولَة القرشي العامري. ينظر: الإصابة ٨/ ١٧١، و ٣/ ٤٥.
(٢) هو أبو السنابل بن بَعْكَك بن الحارث العبدري القرشي، من مسلمة الفتح. ينظر: الإصابة ٧/ ١٦١.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٥٢١ (كتاب ٦٥ - التفسير، باب ٦٥ - ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق ٤]، برقم: ٤٩٠٩)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٨٦ (كتاب ١٨ - الطلاق، باب ٨ - انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل، برقم: ١٤٨٥).
(٤) فيما أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد عنه بسند صحيح. ينظر: فتح الباري ٩/ ٣٨٤، والدر ٨/ ١٩٣.
(٥) أحكام القرآن، لابن العربي ٤/ ٢١٤.
(٦) الإشارات الإلهية ١/ ٣٤١، والجامع لأحكام القرآن ٣/ ١١٥.

<<  <   >  >>