للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكريم، قال ابن رجب (ت: ٧٩٥): (أكثر ما يرد في القرآن وعيد الظالمين يُراد به الكُفّار، كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم ٤٢]، وقوله ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [الشورى ٤٤]، ومثل هذا كثير) (١)، ومنه قوله تعالى ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة ٢٥٤]، وقوله ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس ١٠٦].

رابعًا: دلالة السياق على هذا المعنى النبوي، قال الرازي (ت: ٦٠٦) (٢): (المراد من الظلم الشرك .. ، والدليل على أن هذا هو المراد أن هذه القصة (٣) من أوّلها إلى آخرها إنما وردت في نفي الشركاء والأضداد والأنداد، وليس فيها ذكر الطاعات والعبادات، فوجب حمل الظلم ههنا على ذلك) (٤).

* الحكم على الاستدراك:

لقد نزع الصحابة في هذه الآية منزعًا أصيلًا، ولا غرو، فإنما نزل القرآن عليهم وبِلُغتهم، فهم أعلم الناس بالتأويل، وأسعدهم بمشاهدة التنْزيل، وكلُّ فضلٍ وشرفٍ فيهم فإنما يُذكَر بعد فضيلة وشرف صحبتهم رسولَ الله ، وحيثما جاء البيان عن رسول الله فهو البيان، وهذا من أصول الديانة في كل ما جاء به رسول الله عامّةً، وفيما أبانه من معاني كلام الله تعالى على الخصوص، قال تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر ٧]، وقال سبحانه ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل ٤٤]، فَمِنْ الله تعالى التنْزيل، وَمِنْ رسوله البيان والتأويل.


(١) فتح الباري، لابن رجب ١/ ١٤٤، وينظر: أضواء البيان ٢/ ١٥٤.
(٢) محمد بن عمر بن الحسين القرشي التيميّ البكري، فخر الدين أبو عبد الله الرازي، إمام مفسر أصولي متكلم، صنف: التفسير الكبير، وإعجاز القرآن، توفي سنة (٦٠٦). ينظر: السير ٢١/ ٥٠٠، وطبقات الشافعية الكبرى ٨/ ٨١.
(٣) قصّةُ مُحاجّة إبراهيم لقومه، وهي من آية (٧٤) إلى آية (٨٣) من سورة الأنعام.
(٤) التفسير الكبير ١٣/ ٥٠، وينظر: التحرير والتنوير ٧/ ٣٣٣.

<<  <   >  >>