للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ (١)؛ البسر والتمر، فإذا منادٍ ينادي، فقال: اخرج فانظر، فخرجت، فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حُرِّمَت. قال: فَجَرَت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرِقْهَا. فَهَرَقْتُها، فقال بعض القوم: قد قُتِلَ قومٌ وهي في بطونهم. فأنزل الله ﷿ ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة ٩٣]). (٢)

ثم نجد كذلك إشارة تفسيرية من علي في هذه الآية، وذلك في جوابه لعمر ، لَمَّا سأله عن رأيه فيهم فقال: (أرى أنَّهم شرعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه)؛ لأنهم بقولهم هذا يُحِلُّون ما حرَّم الله تعالى، ويُبطِلون حكم الله تعالى الصريح في تحريم الخمر، وتشريع الحدِّ عليه، على لسان رسوله ؛ إذ مُؤَدَّى كلامهم: لا حَدَّ في الخمر؛ فإنه لو كان من شرب الخمر، واتقَى الله في غيره لا يُحَدّ على الخمر ما حُدَّ أحد. فصار المعنى عند عليٍّ ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة ٩٣] ممَّا أحلَّ الله لهم. والله أعلم.

* الحكم على الاستدراك:

ما فهمه قُدامة ومَن معه مِنْ الصحابة وإن كان هو المُتَبادر لهم من الآية، إلا أنه باطل بدلالة نفس الآية على ذلك، وبدلالة سبب النُّزول، وسياق الآية، وبإجماع الصحابة على تخطِئَتِهم. فقد اقترن رفع الجُناح عن الذين آمنوا فيما طَعِموا، بالتقوى والإيمان والعمل الصالح، ومن تمام معاني هذه الألفاظ اجتناب ما حَرَّم الله تعالى فيما يُطعَم، ومنه الخمر. وهذا ما أجاب به عمر وابنُ عباس .


(١) هو البُسر والتمر يُشدَخ ويُفضَخ ويُنبَذ في الماء. مشارق الأنوار ٢/ ٢٦٨، والنهاية في غريب الحديث ٣/ ٤٠٦.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ١٢٨ (٤٦٢٠)، ومسلم في صحيحه ٥/ ١٢٩ (١٩٨٠)، ورُويَ مثله عن ابن عباس، وجابر، والبراء بن عازب، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والضحاك. ينظر: أحكام القرآن، للجصاص ٢/ ٥٨٣.

<<  <   >  >>